للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النوتية الأصاغر.

ولقدماء البريطان أسلوب في الزواج لا يوجد بين غيرهم من الأمم، وذلك أنه كان يجتمع عدد منهم - عشرة أو اثنا عشرة - فيعيشون معاً وهو أمر ضروري ضمان البقاء في تلك العصور الهمجية، ثم لتوثيق عري الألفة والاتحاد بينهم كانوا يتخذون مثل عددهم من النساء ليكنّ زوجات مشتركة بينهم جميعاً بلا تخصيص، وكل ما يولد لهم من الذرية يعدونه ولداً للجميع على السواء، ويقوم الكل معاً بتربية هذه الأولاد وتموينهم.

أما بين الحيوانات فلما كانت الطبيعة هي المشرّع الأعلى فهي التي تقوم بوضع القوانين الضابطة لشؤون زواجها وتنوع هذه القوانين تبعاً للظروف الخاصة بكل حيوان، فحيث تسهل الطبيعة أسباب الغذاء والحماية للحيوان المولود فإن زواج الأبوين ينتهي عند انقضاء النزوة الأولى، إذ يترك الفحل ولده للأنثى ويمضي لشأنه، أما في الظروف التي يصعب فيها استحضار الغذاء فإن الزواج يستمر مدة موسم كامل حتى يصبح الولد قادراً على تموين نفسه وعند ذلك ينحلّ عقد الزواج من تلقاء ذاته ويصبح كل من الطرفين حراً مستعداً للدخول في تعاقد آخر في الموسم القابل، أما الإنسان فلما كانت الطبيعة قد وهبته العقل فلذلك لم تعن العناية التامة بتحديد كل مادة في عقد زواجه ولكنها أباحت له تحديد هذه المواد حسبما تقتضيه ظروفه الخاصة فنشأ عن ذلك الصور المختلفة للزواج كتعدد الزوجات في أمم المشرق وإباحة الطلاق عند قدماء اليونان والرومان، أو تقييد رجل بامرأة طول حياته في أوروبا الحديثة وهنا يجدر بنا أن نبحث في مزايا ومضار كل واحد من النظامات المختلفة.

قد يقول أنصار تعدد الزوجات إن هذا النظام هو الدواء الوحيد لآفات العشق والوسيلة الوحيدة لتحرير الرجل من استبعاد المرأة إياه الذي هو نتيجة لزومية لعاطفة الحب، فهذا النظام وحده (أعني تعدد الزوجات) هو الكفيل لنا باسترداد حق سيادتنا على المرأة، لأنه بإشباع شهوتنا للنساء يعاد إلى نفوسنا سيطرة العقل على الهوى وبالتالي يعاد لنا نفوذنا وسلطتنا في بيوتنا، فالرجل مع النساء كالحاكم الضعيف مع رعيته فكما أن هذا لا يستطيع أن يقاوم مكايد الشعب ودسائسه إلا بتسليطه بعض الأحزاب على بعض فكذلك الرجل بإشعاله نار الغيرة بين نسائه يصبح مطلق النفوذ والسلطان عليهن، وفي المثل السائد فرّق