للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تسد وإن ترك هذه الخطة هو الذي أوقع الأوروبي من الرق والعبودية فيما هو أمر واد هي من حالة رعايا ممالك الشرق الذين يخضعون لحاكم هو على كل حال بعيد عنهم ولكنهم في بيوتهم حكام مطلقون وملوك مستبدون.

وعلى نظام تعدد الزوجات قد يعترض بحق بأن استعباد الرجل للمرأة هذا إنما هو ضرب من الظلم والاغتصاب وأنه يفسد صلة المساواة التي يجب أن تكون بين الرجل والمرأة وإن الطبيعة قد جعلت من الرجل حبيباً للمرأة وعاشقاً وصديقاً، أفيليق به بعد ذلك أن يستبدل من هذه العلاقات الودية المحبوبة علاقات العبودية الكريهة ولقب الجبار المستبد والغشوم الطاغية.

وماذا نستفيده من هذا النظام، هل نستفيد من وجهة كوننا عشاقاً أو من وجهة كوننا أزواجاً، كلا لا فائدة البتة، لأن هذا النظام الاستبدادي يفسد في نفوسنا صفات العاشق وصفات الزوج معاً، ألا ترى أنا بهذا النظام نفقد ألذ أدوار الحياة أعني دور المغازلة والتودد الذي يقع بين الخطيبين قبل الزواج الاختياري القائم على رغبة الطرفين ورضاهما، فإن هذا الدور اللذيذ لا يتفق مع النظام الاستبدادي الذي تباع فيه المرأة للرجل بيع السلع في الأسواق، وإن الزوج الذي يهتدي إلى إتلاف جميع عناصر الحب إلا عنصر الغيرة لملئ بالخيبة والخسران، فإن الغيرة بين سائر أركان الحب الممتعة الشهية هي كالشوكة بين أوراق الوردة الناضرة، والويل للأحمق المأفون الذي ينتزع أوراق الوردة فينبذها ويحتفظ بالشوكة.

وهكذا نرى أن هذا النظام الاستبدادي (القاضي بتعدد الزوجات) الذي يتلف كل عناصر الحب إلا الغيرة إنما هو عامل فعال في حل روابط الحب والصداقة فإن الغيرة تقطع أسباب الألفة والوداد بين الأفراد وتفصم عرى الثقة والعقيدة، فترى الرجل لا يجرأ أن يدعو إلى داره صاحباً أو صديقاً مخافة أن يكون قد جلب إلى زوجاته عاشقاً مغراراً، ولذلك ترى البيوت والأسر في بلاد المشرق منعزلة منفصلة كأنها الممالك المستقلة، فلا عجب والحالة هذه أن تلقي سليمان (الملك والنبي) يذم الدنيا ويعدد آفاتها ومصائبها مع ما أوتي من أبهة الملك ورغد العيش وسط زوجاته السبعمائة وسراريه الثلاثمائة لأنه كان مع كل هذه المتاعب لا يجد صديقاً واحداً يشاركه في أفراحه وأتراحه، ولو كان جرب لذة الحياة