الغربية التي تنعم بها أوروبا الحديثة وهي زوجة أو رفيقة واحدة وبضع أصدقاء وعدد وافر من الجلاس والسمراء لوجد الحياة أخف محملاً وأحلى مذاقاً، عجباً للإنسان يمحو من حياته عنصري الحب والصداقة ماذا بقي في الحياة - لا درّ درّه - بعد ذلك؟
ومن نتائج هذا النظام الزواجي الشرقي أيضاً سوء تربية الأولاد لاسيما أولاد السراة والأعيان، وماذا تنتظر من ذرية تنشأ بين أمهات رقيقات وآباء جبابرة إلا أن يشبوا على طبائع الذل والجبروت فيصبحوا عبيداً أذلاء وطغاة جبابرة، فتراهم في مخالطتهم رؤساءهم ومرؤوسيهم لا يكادون يذكرون أن الله قد خلق الناس أمثالاً متساويين بالفطرة وماذا تنتظر من والد له خمسون ولداً أن يكون مبلغ اهتمامه وعنايته بغرس مبادئ الآداب والعلوم في ذرية لا يكاد هو نفسه يلم بأطرافها أو يعرف أفرادها لهذه الأسباب كلها يظهر لنا أن الانحطاط والبربرية نتيجة لزومية لنظام تعدد الزوجات.
ومما يزيد النظام المذكور شناعة آفة الحجاب وتضييقه الخناق على الجنس اللطيف في كافة أنحاء المشرق، ففي هذه الأقطار يمنع الرجال البتة من كل اتصال بالإناث حتى الأطباء والجراحين فلا يسمح لهؤلاء أن يعودوا النساء في أمراضهن إذ يكون المرض قد أخمد فيهن كل شهوة بريئة أو أثيمة وصيرهن من الوهن والذبول بحيث لا يطمع فيهن طامع، وقد حدثنا الطبيب تورنيفورت أنه لما استدعي إلى سراي الحرم السلطاني بالاستانة أدخلوه صالوناً فسيحاً فنظر فإذا أذرع ممدودة خارجة من ثقوب في جانبي الصالون يمنة ويسرة فتناهى عجبه من ذلك المنظر المدهش وسأل عن سر ذلك فأعلموه يفحص شيئاً منها خلاف تلك الأذرع، وإنه محظور عليه أن يسأل المرضى أو غيرهن من الخدم والوصفاء أدنى سؤال خشية أن يؤدي ذلك إلى التساؤل عما لا يصح إعلانه من حديث القصر، ومن ثم كان ما يدعيه أطباء الشرق من استطاعة معرفة كافة الأمراض بواسطة النبض فقط شبيهاً بدعوى الدجالين عندنا (انكلترا) معرفة المرض بمجرد النظر في البول، وظني أنه لو كان الطبيب تورنيفورت من أولئك الدجالين لما سمح له أهل البلاط الملوكي في الاستانة بهذه المادة (البول) يستعين بها على ممارسة فنه وصناعته وذلك لفرط غيرة الأتراك على المرأة.
أما وقد دحضنا نظام تعدد الزوجات وقضينا عليه لنظام توحيد الزوجة فلنبحث الآن في