للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[باب النقد]

ديوان ابن الرومي

ما كاد عدد البيان الذي نبهنا فيه إلى شرح هذا الديوان ينتهي إلى الأدباء حتى تتابعت إلينا كتبهم ورسائلهم يستزيدوننا فيها من القول ويسألوننا يسط الكلام عن معاني الشاعر وإصلاح ما زل فيه قلم الشارح الجليل، فتناولنا الكتاب ولم نكد نتصفح جانباً قليلاً منه حتى سئمت النفس وفتر النشاط وكاد القلم يترضض من كثرة ما عثرنا به ومن كثرة ما فتح لنا الشارح من الحفر. . .

ونحن مبينون شيئاً مما استدركناه على أن نتجاوز عن الهفوات الصغيرة وما إليها من الهنات التي يمكن تأويلها والتمحل في مناقشتها والمماراة فيها، ونترك ما وراء ذلك من سائر الكتاب لمن عساه يتفرغ له من الأدباء وأهل الاطلاع فإن وقتنا وصبرنا كلاهما لا يتسع لما بقى والله أعلم به كم هو وما هو؟

قال ابن الرومي ص ٦

وجاهل أعرضت عن جهله ... حتى شكا كفى عن الشكوى

قال الشارح: أي ورب سفيه صددت عن سفهه ولم أشكه حتى شكى امتناعي عن أن أشكوه: وليس كذلك المعنى، إنما يريد الشاعر أنه أعرض عن جهل هذا الجاهل فلم يجبه ولم يأبه له ولا تألم لهجائه فصار عدم تألمه لذلك السفيه ألماً وهذا معني مشهور وهو الذي أراده بشار بن برد حين قال - هجوت جريراً في حداثتي فلم يجبني ولو أجابني لكنت أشعر العرب. (وفي صفحة ٧)

إن من السلوى لخيلولة ... توهمني البلوى به بلوى

قال الشارح: السلوى ما يسلى الإنسان ويصرف عنه همومه ثم قال في معنى البيت إن مما يزيل عني الكدر في أمره أني ظننت أنه بلوى حقيقية فإذا أنا واهم وهو تفسير مضطرب كما ترى وصواب البيت (إن من البلوى لخيولة) يريد الشاعر أنه لو توهم أن ابتلاءه بهذا الجاهل مما يصح أن يعد في البلاء لكانت هذه الخيلولة هي البلوى على الحقيقة لأن الرجل سفلة مستهلك لا يقام له وزن ولو على الظن (وقال ابن الرومي صفحة ٨)

وما فاته في الصوم فطر لأنه ... مدارس علم والدارس غذاء