للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[عالم العلم]

آداب الطيور

لسنا وحدنا نحن بني الإنسان المخلوقات الوحيدة التي تتنعم بالحب والعشق وتحنو إلى المغازلة والتشبيب وتقيم الخطب والأعراس فإن في عالم الطير من ذلك المدهش لغريب إذ ما يكاد يدخل الربيع بنضارته وريعانه حتى تنطلق الطيور تبحث عن الأزواج والذكر منها هو الذي يلعب عادة دور المغازل الخاطب وإن كان بعض الذكران قد أصاب من الحياء والتعفف ما يصيب أمثالها من ذكران الناس فتضطر المتهتكات من الإناث إلى مغازلتها بنفسها وإيقاعها في مصائد الزواج وقد دلت ملاحظات العلماء على أن هناك أنواعاً من الطير لا تعد مسألة الزواج إلا أمراً عادياً لا محل فيه للحب ولا مدعاة إلى المغازلة وأمثال هؤلاء من الناس كثير ومن ثم تهجم على إناثها بالخطبة وتبغتها دفعة واحدة بطلب القران وإن هناك ضروباً غيرها تعاني المشقة المنهكة في ابتغاء قرنائها في الحياة وشركائها وأخرى لا تظفر بالأنثى إلا بعد صراع طويل بينها وبين مزاحمتها حتى إذا صرع أحدها الآخر وفر بالأنثى ظافراً وليس تعدد الزوجات معروفاً عند الطير بل لكل ذكر زوجة واحدة ومن الطير أصناف كثيرة تمكث في صحبة الزوجة آخر حياتها ومنها ما يقضي من العام في ظل الزواج فصلين أو ثلاثة ومنها ما يعد نفسه حراً من مواثيق الزواج وعهوده إذا انفرط عمر الفصل الواحد.

وللألوان الأثر الأكبر في نجاح الخطبة بين الذكور والإناث وترى لريش الذكور عادة - إلا في بعض الأحوال النادرة - ألواناً أبهج وأزهى من ألوان الإناث ولذلك تستخدم الذكران بهجة ألوان أذنابها وأعرافها وأجنحتها في المزاحمة على عشيقاتها وإذ ذاك تقع المشاحنات ويستطير القتال بين الذكور والمتزاحمة على الأنثى الواحدة وفي مثل هذه الأحوال ترى الأنثى ترضى بالصارع وإن كانت قبل الصراع تحنو إلى الصريع وتلك طبيعة الأنثى في ضعفها وإيثارها من الأزواج القوى على الضعيف حتى إذا عرض لها يوماً ذكر أقوى أسراً من زوجها وأجمل مظهراً عمدت إلى تحريض الزوج على قتاله لكي تظفر بعده به ولا يكون من ذلك إلا أن أقوياء الذكور من الطير وأصحائها وحسانها هي التي تستطيع وحدها الفوز بالزوجات وكذلك تعمل الطبيعة على بقاء الأصلح.