للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مستقبل العالم]

وهل تبطل الحرب من الدنيا

تحت هذا العنوان وضع كاتب من كبار الكتاب الاشتراكيين وطلاب المثل الأعلى الساخطين على النظام الحاضر في العالم - وهو المستر ويلزـ المبحث الأول من عدة مباحث مسلسلة، وهو موضوع طالما كتب فيه الكتاب وتناوله العلماء والمفكرون بالتفكير والتحليل. ولكن المستر ويلز انتحى فيه منحى غريباً وبسطه بسطاً جميلاً بتلك الطريقة الشيقة التي ألفها قراؤه منه. ونحن ننشر هنا هذا البحث الأول. ثم نتبعه في الأعداد القادمة بالمباحث الأخرى التي تليه.

نحن الآن أمام مرحلة من مراحل التاريخ الإنساني هي أغرب ما قطعته الإنسانية. وأول ما شهده التاريخ في نوعه. فقد عدت على الدنيا طائفة من الويلات والأحداث الخطيرة فبددت هدوء الإنسانية التي ظلت أجيالاً تتطلب تقدماً مطرداً واجباً، تقدماً في سبيل إحراز قوى كبرى، وسعادة عامة كبرى. وتوسيع نطاق الحياة ورفاهيتها، قد أوقف تياره بعنف، وحيل بين الإنسانية وبينه بصرامة. وقد كشفت فاجعة الحرب اللثام عن وجود قوى مخربة هدامة اجتمعت فاختفت في أضعاف مجتمعنا الإنساني الذي بنم ظاهره على الرفاهية والسعادة. ولم يكن أحد منا يحلم بتلك القوى أو يظن أن الإنسانية بالغتها. وقد أظهرت الإنسانية عجزاً تاماً عن مقاومة تلك القوى الهادمة الناقضة لبنيان العالم، ولقد بدا لكثيرين من أهل الأذهان اليقظى، أن العامين الذين انصرما بعد عقد الهدنة، ووضع الحرب أوزارها، بما كان فيها من مجاعة وفقر، وفوضى واضطراب، في المغرب والمشرق، بل في أمريكا التي لم تسهم في الحرب بما أسهم فيه أهل الغرب. كانا شراً على المجتمع الإنساني من تلك الحرب نفسها التي سبقتهما. فالناس راحوا يتساءلون ترى ماذا يحدث للإنسانية. وما مصير العالم. وما مآل كل تلك الويلات. وهل كانت تلك الآمال الوثيقة؟ والأماني الوطيدة التي افتتحنا بها القرن العشرين إلا حلم حالم وخيال متخيل وهل دارت دائرة النعمة والتقدم فلا دورة لها إلا إلى الرجعة والنكوص، وإلى أين تحدو بنا هذه الضلات التي نحن فيها والتعثر الذي نحن نراه وتلك العداوة والبغضاء التي يحملها كل منا لصاحبه في العصر الحاضر وهل العالم مقبل على قرون عدة مفعمة بالفوضى والخراب. فلا يكون منها إلا كما انتهت الدولة