للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[عالم الحرب]

مذكرات سرية عن الإمبراطور غليوم

وصيفة من وصائف الشرف لبثت زهاء عشرة أعوام في بلاط برلين تحدث العالم عما رأته من غرائب أخلاق غليوم وشواذ نوادره، وأسرار حياته، وبدائع عبقريته، وعجائب أموره - وهي حقائق ثابتة لا يشوبها شائبة من الكذب أو التلفيق أو الاختلاق، ولا يمازجها أثر من التخيل أو التوسع أو الأطناب.

معاملة الإمبراطور لوزرائه - اعتباره إياهم كخدمته - حادثة المستشار الشيخ - إكراهه الوزراء على الحضور بلباسهم الرسمي قبيل الصبح - قراءة التقارير عليه - رأي خدم القصر في الوزارء - متاعب المستشار - إكراهه الوزراء على صنع ولائم له هو وحاشيته وأصدقائه.

إن معاملة غليوم الثاني لوزرائه لمن أغرب ما ظهر من نفسية الملوك وأخلاق الإمبراطورة، فإن سواد الحكوميين الذين تقلدوا عنده مناصب الوزارة لم يلبثوا أن تركوها كما يترك الخادم بيوت مخدوميهم لاضطهاد سادتهم لهم وسوء معاملتهم إياهم، وذلك لأن الإمبراطور ينظر إليهم نظر السيد العظيم إلى خدمته الإغفال بل لا يقول عن خدمتهم جميعاً من المستشار إلى أصغر رجل في الوزارة إلا المساعدة غير المحنكة.

حدث مرة أن الإمبراطور أمر مستشارة البرنس هوهنلوه أن يجيء إليه بتقاريره في الساعة السابعة صبحاً لكي يتلوها عليه في القطار، وكان غليوم مزمعاً سفراً غير بعيد، وكان ذلك في صميم الشتاء وزمهرير البرد، وكان البرنس شيخاً في الثامنة والسبعين، على أن ذلك لم يكن ليحول بين الإمبراطور وبين لذته، وكانت لذته أن يجلس في القطار إلى مائدة الفطور، مصغياً إلى قريبه الشيخ وهو يلقي عليه تقاريره عن مهام الإمبراطورية.

فلما كان الإمبراطور في قاعة الانتظار في المحطة عند الموعد المضروب جاءه رئيس حرسه يقول إن الأميرة هوهنلوه قد حضرت إلى المحطة تريد رؤية الإمبراطور فلم يكن من غليوم إلا أن أسرع إلى لقائها، قائلاً وهو يمد إليها يده مصافحاً وعليه إمارات العجب ومظاهر الدهشة، الأميرة هوهنلوه!. . أترى مستشاري مريضاً!.

فأجابت الأميرة وهي تبتسم، وكانت كذلك عجوزاً في السادسة والستين، لا. . بل نائماً!. .