للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الإمبراطور في لهجة المغضب أينام وقد أمره إمبراطوره أن يكون الساعة بجانبه. .

إذ ذاك فارقت الأميرة تلك الابتسامة التي ظهرت على محياها ثم قالت عجباً يا بن الأخ! أنسيت الشرط التي أخذناها عليك في خدمته لك، إن أول هذه الشروط أن يحسب لسنه ومقامه حساب، إن أمراً كهذا يدعوه وهو رجل في الثامنة والسبعين إلى الحضور إلى المحطة، لفي مثل هذا الوقت المبكر الصعب، وفي هذا القر القاتل، والبرد المهلك، ليس ولا ريب من تلك الشروط في شيء، ولذلك لا غرو إذا تبادر إلى أن جلالتك تعني بذلك أن يكون التقرير لديك في القطار، ولذلك جئتك الآن به، فهل تراني أخطأت؟.

وماذا ترى الإمبراطور كان يصنع في هذه الحال إلا أن يتظاهر بالرضا والموافقة ولذلك أجاب إني عالم أنك يا عمتي رقيقة القلب، ولكن هذه الأمور كما ترين خارجة عن العادة المتبعة، ولا بد من النظام كما تعلمين. . .

وفي صميم الشتاء يجب أن يكون الوزراء جميعاً بين يديه أو على مقربة منه من الساعة السادسة صباحاً حتى منتصف الليل، وفي الصيف يدعوهم إلى الحضور في منتصف الخامسة من الفجر، ولذلك يضطر الوزير إلى أن يستيقظ من نومه قبل أن ينبثق الصبح، إن كان محتماً عليه أن يكون في لباسه الرسمي وردائه المذهب المحلى بأوسمته وشرائطه الحريرية وأن ينتعل حذاءه الدقيق ويشد إلى نطاقه سيفه وحمائله، والتجمل بهذه كلها يستغرق ولا ريب وقتاً ليس بالقصير.

وإذا لم يطلبهم في هذا الموعد كان ذلك أسوأ عليهم وأشد قسوة، لأنهم لا يأمنون أن يبغتوا ليلاً أو نهاراً باستدعاء منه وهم في حلقة الأسرة بين أزواجهم وأبنائهم وصحبهم وندمانهم وهم لا يستطيعون أن يدعوا ملكية ساعة واحدة من ساعات النهار، لأنهم يعلمون أن التقارير الدائرة حول أمهات المسائل السياسية ليست عند غليوم إلا كأطباق الحلوى، يجب أن تلتهم بين فترات اللذة وفسحات اللهو والمراح، ومن ثم يبعث في طلب رجاله في أية ساعة كانت، كما شاءت لذته وشاء سروره، حتى أن نصف تقارير الوزراء يتلى عليه في حجرات القطارات أو في قاعات الانتظار في المحطات، وأما النصف الآخر فيقرأ عليه في مركبته أو سيارته.

وترى خدم القصر يقولون إن الوزير الراغب في عمله ينبغي أن لا تفارق إذنه مسمعة