التليفون ولا تثني عينه عن ساعة الحائط، ولا ترتد عينه الأخرى عن كتاب الدليل.
وقد يحدث في أغلب الأحيان أن يذهب الوزراء كلهم أو بعضهم إلى القصر على إثر دعوة من الإمبراطور، بصحبهم وكلاؤهم أو كتابهم بمحافظهم وأوراقهم وتقاريرهم فيخبرهم رئيس القصر أن الإمبراطور قد غير نيته، وخرج يطلب الصيد، ولعله لا يعود بعد ساعات، ومن ثم لا يجد الوزراء في وسعهم إلا أن يعودوا أدراجهم إلى بيوتهم، وربما بعث الإمبراطور في طلبهم بعد ذلك وما كادوا يستقرون في منازلهم.
على أن أشد ما ينال المستشار أو الوزير أن يكون في دار التمثيل مع الإمبراطور فيدعوه، والليل كاد ينتصف، أن يصحبه إلى القطار ليقرأ عليه تقريراً أو يلقي عليه اقتراحاً أو يدلي إليه برأي، وفي مثل هذه الحال ترى المستشار يأخذ لفي القول ويمعن في الحديث، هذا والإمبراطور يتثاءب في رفق، بين فترات الوقت، وقد أخذ الكرى عينيه.
فإذا وقف القطار بالمحطة التي يريدها أفاق الإمبراطور من نعاسه فمسح عينيه وهو يقول إني مقتنع باقتراحك هذا، فعليك أن تنفذه كما ترى وقد يقول إذا كان ضيق الصدر اترك تقريرك لدى الكاتب حتى أفحصه. . . عم مساء. .!.
يقول ذلك وهو يخطو مسرعاً نحو المركبة، بينا يعود الوزير إلى قاعة الانتظار، وقد يمكث ساعة أو ساعتين حتى يقله القطار الأخير إلى وجهته.
وقد يتفق كثيراً أن يدعو الإمبراطور نفسه إلى العشاء على مائدة أحد الوزراء تاركاً للوزير متاعب الاستعداد للقائه، وآلام التجهز للاحتفاء به، بل قد يقول له إنه قد أمر فلاناً وفلاناً من أصدقائه ورجاله إلى مصاحبته إلى هذه الوليمة الإجبارية.
اقرأ في العدد القادم قطعاً أخرى مختارة من هذه المذكرات