للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[أخبار وحوادث]

الفقيد العظيم

ليس هناك خسارة أشد على الأمة وأفدح. ولا نكبة أدمى لقلبها وأجرح من موت الرجل النابغة العظيم. وناهيك بمصاب قد يعوق الأمة عن سير رقيها الاجتماعي. ويرجع بها خطوات كبرى تقدمتها. وبسلبها فوائد عظمى اكتسبتها. وبفقدها رجلاً مكتملاً بين ملايين ليس سوادهم كذلك - ويحرمها من عقل كبيرين عديد عقول عادية. ويسرقها صنفاً من رجالها عزيز الضريب. منقطع النظير لا أوان لظهوره يعرف، ولا حين له يرتقب. وإذا أنت علمت ذلك فلا جرم أن ترى الأمة المصرية اليوم في حزن عام واسى شامل. لوفاة رجل من أنبغ نوابغها. فقدت بفقده عقلاً ناضجاً. على حين ترى أكثر عقول الأمة لا تزال نيئة فجة، وقلما مبدعاً وأين في الأمة الأقلام المبدعة، ورأياً ثاقباً ساطعاً وأين الآراء الثاقبة الساطعة. وكيف لا تشهد العيون بالعبرات شارقة واكفة. وكيف لا تكون القلوب من لوعة الأسى واجفة راجفة. وفقيدنا نابغة القضاء. ونابغة الكتاب. ونابغة المعربين. المرحوم أحمد فتحي زغلول باشا. وكيل نظارة الحقانية بالأمس.

والبيان وصاحبه من فقده في حزنين بالغين. ورعن شجنين عظيمين. نبكيه لأننا من أفراد هذه الأمة الباكية عليه. ونأسى عليه لأنه كان لنا الصديق الحميم. والعون العظيم. والنصير الذي لا تخيب نصرته. والعضد الذي لا نقدر مساعدته. وقد كان رحمه الله قبل مرضه بأيام يتأهب لافتتاح مشروعنا أبطال العالم بالكتاب عن فيلسوف من فلاسفة الفرنسيين. وقد بلغ من عنايته بهذا المشروع أن تباحث كثيراً مع الأستاذ لطفي السيد بك في الخطة التي سينهجها في الكتابة على البطل الذي وقع عليه اختياره. ولكن حم القضاء. ولا مرد لقضاء الله.

أما وقد جمد القلم الآن في أيدينا كما جمد الجمع في مآقينا. فإنا تاركون للأستاذ لطفي السيد بك التعبير عن شعورنا بكلمته التاريخية الآتية. إذ كانت أجمع كلمة في تقدير ذلك لفقيد العظيم: قال الأستاذ: أيها السادة:

إن أحمد فتحي باشا زغلول هو أصغر أمجال المرحوم الشيخ إبراهيم زغلول من أعيان إبيانا ولد في تلك القرية في ٤ ربيع الأول سنة ١٢٧٩ هجرية. مات أبوه رحمه الله إذ كان