للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رضيعاً وكان شقيقه سعد زغلول باشا فطيماً، خلفهما أبوهما في حضانة والدتهما التي هي إحدى عقائل عائلة بركات الشهرية بالغربية، وكانت وقت وفاة زوجها لا يتجاوز عمرها العشرين. فقامت على ولديها ووقفت نفسها على تربيتهما تحت إشراف أخيهما الكبير لأبيهما المرحوم الشناوي أفندي زغلول الذي عني بتعليمهما على أحسن ما تعلم به أبناء الأعيان. تعلم فتح الله الصغير في كتاب البلد ثم في مدرس رشيد ثم المدرسة التجهيزية ثم في مدرسة الألسن فاتفق أن زاره المرحوم أحمد خيري باشا ناظر المعارف العمومية فأعجب بذكاء الشاب فتح الله صبري وأعطاه اسمه (أحمد) ونحت من (فتح الله) فتحي وأصدر أمراً رسمياً إلى المدرسة بتسميته أحمد فتحي وبأن يرد إليه ما دفع من المصارف وباعتباره طالباً مجانياً. فلما كانت ١٨٨٤ أرسلته نظارة المعارف إلى فرنسا لدرس الحقوق فحصل على شهادة الليسانس ورجع سنة ١٨٨٧ ووظف بقلم قضايا الحكومة ثم رئيساً لنيابة أسيوط ثم رئيساً لنيابة اسكندرية ثم مفتشاً بلجنة المراقبة فرئيساً لمحكمة الزقازيق ثم رئيساً لمحكمة مصر ثم وكيلاً لنظارة الحقانية وظيفته الأخيرة التي مات وهو قائم بها.

كان فتحي باشا كما سمعتم اليوم وقبل اليوم وكما قرأتم في التقارير الرسمية مثال الموظف الفاني في الاشتغال بأداء واجباته القائم بعمله وعمل غيره أحياناً ولم يمنعه ذلك من أن يكون معرباً ممتعاً أميناً ومؤلفاً كبيراً. عن هذا الصوف ومن هذه الجهة وقفت أمامكم أؤبن فقيد العلم والعلماء.

أيها السادة:

إن شدة الذكاء وقوة النفس وحسن الإخلاص. تلك الصفات التي ظهرت آثارها على فتحي باشا منذ شبابه الغض راجع معظمها إلى التأثير الورائي من أبويه وعلى الأخص والدته التي أفاضت عليه من صفاتها بما يفيض الأصل على الفرع، وبما تعهدت أمره في التربية وما غرست من المبادئ الصالحة مما جعل لفتحي شخصية ممتازة منذ صباه.

لا يأخذكم العجب في قولي فإن من أمهاتنا نحن القرويين من هن مع بساطة في المدارك العقلية وبعد عن العلوم والمعارفة على جانب عظيم من الذكاء الفطري ورفعة الأخلاق وعزة النفس وذوق سليم في الحكم وطيبة وتقوى في المعاملات. ينقلن هذه الصفات لأبنائهن بحكم قانون الانتقال الوراثي فتكون لهم مال في الحياة العملية. ولولا هذه الصفات