للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حول نهضة السيدة المصرية]

فأنت ترى أن هذه الرفعة الموهومة كانت شؤماً على أربابها فأضعفت فيهم ملكة التمييز حتى احتقروا أثمن حلية فابتعدوا عنها لأن العلم في الواقع سلاح في الحياة يذلل للمرء سبيلاً لا عوج فيه وهو جالب للفضيلة والعفاف ومقو لهما إذا هما وجدا في الفطرة الإنسانية.

فالريفية العادية التي لا تخرج من مثل تلك البيئات الشاذة إذا فاتها حظ العلم المدرسي فلا يفوتها العلم بأساليب العيش التي تأتي من طريق المران والتجربة وقد بينت في مقالي السابق أنها حصلت فعلاً على قسط وافر من النجاح الذي لو قرن يوماً ما بالعلم النقي الصحيح لرفعها إلى مستوى أعلى من زميلاتها الأوروبيات المتحضرات.

أما تلك الفئة الشاذة التي أشرت إليها - وأفكارها والحمد لله سائرة في سبيل نمو الطبيعي - فواجب تفهميها حقيقة الحياة وفرضية العلم، وارى أن أقوم سبيل لذلك أن تكون للجمعيات النسائية مجلات تبحث في أحوال المرأة ورقيها ومنزلتها في الحياة الاجتماعية توزع على النساء والرجال على السواء، وإني لا أشك أن تلك النشرات تأتي بالفائدة المقصودة.

أما في المدن الكبرى حيث توفرت اليوم سبل التعليم فقد كثر عدد المتعلمات ولكنا نتساءل هل هذا التعليم كاف؟ وهل هو موافق لروح العصر الذي نحن فيه وهل يكفل لنا حسن المستقبل والإصابة في تربية أبنائنا فقد أثبتت التجربة أن نظام التعليم في بلادنا فاسد فساداً تاماً وأن مواده قشرية محضة وهو بالاختصار نظام مضطرب رزح تحت عبئه أكثر الناشئين إلا قوماً سدوا ذلك النقص باطلاعهم الخارجي ونظراتهم المصيبة في معنى الحياة.

فمنذ سنين قلت الشكوى من ذلك النظام ومواده بالرغم من اتساع مجال التجربة أمامنا فمن باب أولى أن لا ينفع السيدات وهن ألين طبيعة وأضعف فطرة وأقل احتمالاً.

وإني أرى أن هذا التعليم لا يصقل نفس الفتاة بالقدر اللازم ولا يصبغها الصبغة اللائقة بالحياة الحالية وأرى أنه في مدارس البنات لا تعطى عناية كافية بالجزء العملي وهو تدبير المنزل وقوانين الصحة وأحكام تربية البنين، وإني بلا شك أصفق فوحاً لكل نهضة ولكني لا أغفل لحظة عن المجاهرة بالنقص ما دام واقعاً حقيقة.

وإني أرى الشكوى عامة في تبذير السيدات وإسرافهن في التبرج والمغالاة في الزينة