هذه الحادثة منفردة في نوعها ولها معان ومظاهر كثيرة فإننا لو قلنا بأن هذا نوع من التليباتي أو انتقال الصور الذهنية من ذهن الشخص إلى ذهن الوسيط لاستطاع الوسيط أن يعرف اسم الشخص بكل شسهولة كما عرف أسماء سائر الأشخاص ولو كان هذا مظهراً من مظاهر انتقال الصور الذهنية قلنا أن نسأل وكيف عرفت الشخصية الثانية التي تتكلم بها الوسيطة أي بلسان المحامي بلهام أصدقاءها من بين الجمع، وينبغي أن نقول هنا أن مسز بايبر الوسيطة لم تكن من صواحب المحامي المتوفى، وإنما التقت به بضع دقائق يوم كان على قيد الحياة، ولهذا لا يحتمل أن تكون مسز بايبر عليمة بأصدقاء المحامي وجميع معارفه.
وقد كان الأستاذ هودجسون في أول الأمر إزاء هذه الحادثة شاكاً مستريباً منكراً غير مصدق، وكان أول من أراد أن يبحث عن سر هذه المخادعة لأنه حسبها خدعة يومذاك، ولكن الحقائق جعلت تصدعه وتدهشه، وجعل يجلب للوسيطة غرباء ويسميهم بأسماء مستعارة، بل أدى به الولع بإظهار الحقيقة أو كشف السر إلى أن جاء بقوم مقنعين، وكذلك لبث عدة سنوات يبحث فيها ويستخدم في سبيل بحثه مسز بايبر حتى اقتنع آخر الأمر بصحة المناجاة، وجواز مخاطبة الأرواح.
ومن الوسيطات المشهورات التي شغلت زمناً أذهان العلماء وجلس إليها أمثال سير أوليفر لودج وسير وليام كروكس نذكر سيدة أخرى تدعى تومبسون ولعل خير ما في أمرها أنها لم تكن مأجورة أو تطلب مالاً من المناجاة وكانت النتائج التي ظهرت من ناحيتها مدهشة مقبولة طيبة، فمن بين الرواح التي جعلت تتكلم بواسطتها سيدة تدعى مسز ب فإن هذه الروح مضت تقص تفاصيل عن حياتها في الأرض وتحقق القوم من صحتها وجعلت تبسط قصصاً وأنباء عن حياتها في هذه العاجلة تثبت حقيقتها لأصدقائها ومعارفها، ولم تكن الوسيطة تعرف شيئاً عن هذه الحقائق عن تلك السيدة مطلقاً، فاستطاع العلماء بهذه الحقائق أن يطمئنوا على أن الموضوع ليس من التليباتي أو انتقال صورة ذهن إلى ذهن آخر.
وإذا انتفى التليباتي جاز القول بإمكان مناجاة الأرواح لأهل الأرض.