الأفكار من ذهن إلى ذهن، بل إن فريقاً من أكبر رؤسائها وأبطالها قد مضوا غي عقيدتهم بعيداً وذهبوا إلى القول بأن كثيراً من الظواهر تثبت صحة وجود أذهان وأرواح بلا أجسام تطوف حول الكون. وقد كان الفضل أو السبب في هذا الاعتقاد يعود إلى الوسيطة الأمريكانية الطائرة الصيت مسز بايبر وهي التي ظل أعضاء الجمعية يستخدمونها في أبحاثهم مدة ثلاثين سنة.
ومسز بايبر هذه وسيطة منومة أعني أنها تروح في سبات أو حالة أشبه شيء بالذهول ثم تتكلم أو تكتب وهي على تلك الحال، والمظنون أن روحاً من أرواح الموتى تستخدم لسان تلك الوسيطة أو يدها في ذلك أو إن شئت فلك أن تسميها (امرأة مأخوذة ويصعب علينا أن نتجنب الاستنتاج الذي يدل على أن هناك ضروباً من القوة غي رالطبيعية تستخدم تلك المرأة) فنحن نقول مثلاً أن في أوائل عهد تلك السيدة بهذه الحالة التنويمية جعلت تتكلم على لسان روح محام يسمى مستر بلهام وكان معروفاً في حياته لدى العلامة هودجسون من أكبر أعضاء تلك الجمعية. وقد جلس الأستاذ هودجسون إلى تلك السيدة عدة جلسات وقدم إليها أكثر من مائة وعشرين شخصاً مختلفين ومنهم كثيرون من أصدقاء بلهام وهو على قيد الحياة وذكروا للمسز بايبر بأسماء مختلفة إخفاء لأسمائهم الحقيقية عنها فجعلت الروح تتكلم على لسان مسز بايبر تعين أصدقاءها من هؤلاء الأشخاص وتذكرهم بأسمائهن وتعين ألقابهم وتخاطبهم بلغة الصداقة التي كانت في الحياة تكلمهم بها.
وقد حدثت مسألة غريبة في بابها في هذا الشأن وهي أن تلك الروح عجزت أن تتبين شخصاً من أولئك الأشخاص أول الأمر مع أن الشخص المذكور كان سيدة وهي كانت تعرف بلهام في حياته ولكن ظهر أخيراً أنه كان يعرفها وهي فتاة صغيرة وأنها لم تجلس إلى مسز بايبر إلا بعد موته بخمس سنوات وقد كبرت بالطبع في خلال هذه المدة الطويلة وتغيرت كثيراً واستحالت معارفها ولذلك لم يكن عجز الروح عن معرفتها غريباً ومستحق الدهشة والعجب ولكن لما ذكرها الأستاذ هودجسون بقوله. هل تتذكر مسز وارنر؟ وكانت هذه هي أم السيدة وصديقة من صواحب المحامي المتوفى بلهام. لم تلبث أن قالت الروح. هل أنت ابنتها دعها تتذكر الكتاب الذي أعطيتها إياه لتقرأه ثم ذكر عدة أحداث وبينات أدركتها السيدة وتذكرتها وعلمت صحتها.