للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العلاقة بين الفرد والمجموع]

وأثرها في النهضات الاجتماعية

(التوفيق بين مصلحة الفرد ومصلحة المجموع - إلى أي حد يجب أن يرتبط الفرد بالمجموع - النظرية الصحيحة - استقلال الفرد الألماني - الفرد شعب وحده - الانكليزي في زمن الحرب - الأثرة غريزة والةاجب فضيلة - الفرق بين أمة بأفرادها وأمة بتعدادها)

يظهر أن مسألة التوفيق بين مصلحة الفرد وسعادة المجموع والعلاقات التي بينهما أصبحت من المسائل الدقيقة التي قلما يعثر الإنسان فيها على الوجع الصحيح ويظهر أن الرأي القائل بان الفرد يجب أن يكون للمجموع رأي فائل كنظيره القائل بأن على الفرد أن يعمل ولا شك في أن النتيجة سعادة المجموع، فالحقيقة أن استقلال عن المجموع أو المجموع عن الفرد يؤدي إلى تصادم كثير بينهما. إن اندماج الفرد اندماجاً كلياً في كتلة المجموع خطر عظيم كما ان استقلال الفرد إلى حد كبير خطر أيضاً عظيم. ينبغي أن يكون هناك قصد واعتدال. فإن الامة التي يندمج أفرادها في المجموع تصبح أمة مجموع لا وجود للأفراد فيها ولا أمارة عليها إلا تعدادها. وتصبح شخصية الفرد على حدة ضعيفة لا تثبت ولا تقاوم. والمجموع ليس مستعداً في كل لحظة أن يلبي استصراخ الفرد إزاء كل مأزق أو مشكلة يجب أن يكون الفرد قوياً في ذاته إلى الحد الذي يجود فيه على قوة المجموع كما أن المجموع يجب أن يكون قوياً في ذاته إلى الحد الذي لا يطفئ معه شخصية الفرد. ولعل أبلغ ما عرفنا من ذلك اجتهاد الألمان في أن يكون كل فرد في ذاته شعباً وحده فيهيئون له من تربيته وتعليمه وسائل تمده يقول في مستقبل أيامه (أنا الأمة). وكثيرون يعتقدون خطأ هذه النظرية ويظنونها منافية لارتباط الفرد بالمجموع، على أن التأمل القليل يثبت فساد هذا الظن. إن الأمة التي يعتبر أفرادها كل منهم نفسه أمة قائمة بذاتها لا شك في أنها الأمة السعيدة القوية، لأن كل فرد فيها يعد نفسه لحياة عاملة مجدة ويؤدي جميع واجباته الاجتماعية وهو يعتقد أنه الوحيد المكلف بأدائها والمتمتع بنتائجها. فلو أنه لم يبق غيره لظل كيان الأمة قائماً. هذا مع الاحتفاظ بأمة الفرد غيره أعني مع الاحتفاظ بالأمة كلها المكمونة من أمم أولئك الأفراد. وأخيراً تلتقي في مثل هذا الفرد الصفات العامة للمجموع