للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الصين الجديدة]

إن كل ما يصل إلى المسامع عن دولة الصين لا يزال يترك وراءه أثراً من الحيرة ومزيجاً من الدهشة والاستغراب، ويرسل الذهن يجري عادياً على أجنحة الخيال إلى تلك المملكة القصية النائية فيرسمها في مخيلته ويصور أناسيها ويتأمل وجوههم الصفراء ويستقصي الألوان المتعددة من أطوارهم الغريبة وتقلباتهم العجيبة فكأنما القارئ يطالع في قصة من قصص روكامبول أو يقرأ سيرة من سير سندباد البحري.

ونحن نقدم الآن لقراء البيان فذلكة تاريخية تحتوي خلاصة تاريخ الصين منذ نشوب الحرب إلى اليوم والأدوار التي تمشت فيها حتى قطعت منذ عهد قليل علاقاتها بألمانيا وأسهمت مع الحلفاء في معاداة الألمان، وهذا البحث لا بد منه ليربط الناس ما علموه من أخابير الحرب بما لم يعلموه، وليتموا في أذهانهم السلسلة المتطاولة حتى لا تكون منها حلقة مفقودة.

عندما نشبت الحرب، كانت الصين جمهورية وكانت الجمهورية قد اجتازت من العمر إذ ذاك عامين ونصف عام، وذلك منذ اعتزلت العرش أسرة تسنج المالكة في اليوم الثاني عشر من شهر يناير عام ١٩١٢ ولكن كانت في الحقيقة جمهورية بالاسم فقط إذ كانت قد استحالت إلى حكومة فردية مطلقة تحت الرئيس يوان شي كاي، إذ لم ين هذا الرئيس أن فض البرلمان واستعاض عن القوة العسكرية قوة ملكية سلمية وبدأ فرديته بأن دعا إلى قرض قدره خمسة وسبعون مليوناً من الجنيهات لكي يذهب بالضائقة المالية في الصين، فجمع هذا القرض في باريس في السابع من شهر فبراير من ذلك العام وألقى إلى المصرف الصناعي الصيني ثم أعقب هذا القرض قرض آخر تشفع هذا الرئيس له برغبة إعادة النظام وتدبير شؤون الدولة فاشتركت في جمعه انجلترا واليابان والولايات المتحدة والروسيا وألمانيا وفرنسا وكان ذلك قبل أن تنشب الحرب.

وكان النزاع قد بدأ إذ ذاك بين الصين واليابان إذ كانت مقاطعة كيوتشو قد أسلمتها اليابان في سنة ١٨٩٧ إلى ألمانيا ولم تلبث أن أرسلت اليابان مذكرة إلى ألمانيا في ١٥ أغسطس، ولم يحن السابع من نوفمبر حتى سقطت عاصمة المقاطعة الألمانية وهي تسنج تو في أيدي اليابان وسكت الألمان عن النزاع ولكن الصين أرسلت احتجاجاً إلى اليابان عن فعلها وأمسكت عن رد كيوتشو إليها وأجلت المناقشة فيها إلى ما بعد الحرب، فلم تلبث أن