للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تفاريق]

لماذا نكبر؟

سؤال صعب، وموضوع خطير، لا يزال العلماء يحاولون له جواباً، ويلتمسون له حلاً، ومنهم أكبر علماء هذا العصر، وسادة فلاسفته، ويلوح لهم أن السبب الأكبر في الشيخوخة هو تجمع مقدار معين من الفضلات الحية في الجسم على مدى العمر، والجسم يتخلص من كثير من هذه الفضلات بكل سهولة، ولاسيما من الغازات كحامض الكربونيك، ولكن منها ما لا يستطيع البدن أن يتخلص منه كل التخلص ويؤول به الأمر إلى تسميم الأجهزة وتصلب الشرايين والمفاصل، وإسقاط الشعر أو تشييبه، وإحداث الغضون والمكاسر في البشرة، والناس هم الذي يعجلون إحداث هذه التغيرات أو يبطئون أثرها في أبدانهم بحسب لون الحياة التي يحيونها، وسبل المعيشة التي يسلكونها.

وقد ترى رجلاً في الأربعين يلوح أهرم وأكثر شيباً في المفارق، وأظهر شيخوخة من رجل في الستين، وليس كر الغداة ومرّ العشي هما وحدهما اللذان يحدثان الشيخوخة، ولكن ما يحدث في أجهزتنا على ممر أعمارنا، فأما اللذين يعيشون عيشة رزينة عاقلة، ولاسيما الذين لا يسرفون على أنفسهم شراباً وطعاماً وينامون النوم الذي يكفي جسومهم ويعدم أو يطرد السموم التي حدثت لها في يومهم، لا تعجلهم الشيخوخة كما تعجل الذين لا يعيشون عيشة منظمة، ومن الناس قوم خلقت لهم أرواح هادئة وطبائع ساكنة وهؤلاء تبطئهم الشيخوخة، ويمهلهم الهرم، والناس مصيبون في الاعتقاد بأن الهموم والأحزان تكبر الناس قبل أعمارهم، والحقيقة أن هذه الآلام النفسانية تضعف القوة التي في البدن على قتل السموم، وكذلك ترى ذوي الطبائع المضطربة العصبية يموتون قبل أهل الطبائع الهادئة الساكنة.

وجملة القول أنا نستطيع أن نقول إن اللذين لا يهرمون سريعاً هم الذين يرعاهم الأطباء الثلاثة، الهدوء والحمية والعقل.

لماذا يعد العيش في الريف أصح من عيش المدن؟

ليس هناك في الحقيقة إلا سببان يرجحان بعيش الريف على أخيه عيش المدن، ولكنهما لا يزالان من الخطورة بمكان عظيم فأولاً الهواء الذي نتنفسه دافعاً إلى اللهي والرثات من