للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مذكرات إبليس]

هي رسالة انتقادية ضافية للكاتب عباس محمود العقاد تناول بها أغراضاً شتى من النقد الأدبي والأخلاقي والاجتماعي بأسلوب خيالي شائق يأخذ باللب ويرتفع له حجاب القلب وسننشرها إن شاء الله تباعاً في البيان.

مقدمة

نحن الشعراء لكل منا صاحب من الجن يوسوس له بخفي المعاني ويهجس في خاطره بأسرار الخيال ويسلك به من وادي الجنة في ملاعب لا يسير فيها الأنسي إلا بترجمان من أبناء الجان.

كام لامرئ القيس شيطان من تلك الشياطين اسمه لافظ بن لاحظ. لا أشك أنه كان معه يوم العذارى، يوم نزلت صاحبته عنيزة تتبرد وصويحبات لها في الغدير فأغراه شيطانه فقعد على ثيابهن وأبى إلا أن يخرجن إليه عاريات الأبدان باديات محاسن الأجسام كأبكار الماء عند قدماء اليونان، أو كما خرجت بنت ملك الواق على الصائغ البصري وقد خبأ منها ريشها وهي تسبح بين أترابها في بركة القصر. ثم أغراه بناقته فعقرها لهن فظل العذارى يرمين منها بلحم وشحم لا أظن حسان اليوم يستطبن منه شواء إفرنكياً، ثم سقاهن من زقه خمراً زادتهن سكراً على سكر التيه والشباب. ثم أملى عليه تلك القصيدة التي سجل بها على نفسه فعلته فأراح كاتب الشمال من تقييدها عليه فيسجل السيئات.

وكان للأعشى صناجة العرب شيطان اسمه مسحل بن أثاثة. ترصد له حتى علم أنه مال إلى الإسلام فأوقف له في بعض طريقه إلى النبي قوماً من المشركين، فلما أتاهم قالوا له أين أردت يا أبا بصير.

قال: أردت صاحبكم هذا لأسلم.

قالوا: إنه ينهاك عن خلال ويحرمها عليك، وكلها لك موافق.

قال: وما هن

فقال له سفيان بن حرب: إنه يحرم عليك الزنا.

قال: لقد تركني الزنا وما تركته ثم ماذا؟

قال: القمار