للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القنابل الخانقة]

كأننا بالعلم يخدم الحربيين أكثر مما يخدم الإنسانية، فقد كان من قوة العلم أن اخترع الفرنسيون في هذه الأيام نوعاً قاتلاً من القنابل لم يعهد له مثيل في تاريخ تطور الأساليب الحربية، ذلك أنهم اخترعوا قنابل خانقة تقطع أنفاس الجنود إذا كانوا في بقعة غير فسيحة من الأرض، وقد وقعت في هذه الحرب حادثة رهيبة تدل على قوة هذه القنابل الفاتكة.

وتفصيل ذلك أن كتيبة من الجنود الفرنسية جعلت تطلق قنابلها الخانقة على قصر كان قد احتله جماعة من الألمان، فقلما وقع القصر في أيديهم، ودخلوا يمشون في دروبه ومنها إلى البهو إذ بهم أمام جماعة من الألمان جامدين كأنهم تماثيل من المرمر، فمنهم من كانوا وقوفاً عند النافذة مصوبين بنادقهم ولا تزال أصابعهم ضاغطة على أزندة البنادق، وآخرون كانوا جلوساً يلعبون الورق ويدخنون اللفائف، وقد وقف في وسط الحجرة ضابط فاغراً فاه كأنما كان يريد أن يتكلم، وكان يبدو على الجميع كأنهم لا يزالون أحياء يتنفسون، واقفين أو قاعدين في أمكنتهم التي كانوا عليها منذ ساعة من الزمان!!.