للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نوابغ الكلم وروائع الحكم]

حكم روشفكول

فرنسوا دوق دي لاروشفكول من أكبر نبلاء فرنسا ولد في ١٥ ديسمبر سنة ١٦١٥ وتوفي سنة ١٦٨٠، عاصر ريشليو ومازارين وكان له شأن معهما، وقد نجذته الشدائد وقومته الزعازع فتلقن الحكمة من أستاذ الدهر. وهذه الشذرات التي ننقل عنها هي كل ما ساهم به في سوق الأدب. قال فولتير إنها من الكتابات التي تساعد على تهذيب ذوق الأمة الفرنسوية وتبث فيه روح الضبط والتدقيق وقال الدكتور جونسون النقاد الإنكليزي أنه الكتاب الفذ الذي خطته بنان رجل من الظرفاء على أنه جدير بغيرة الأدباء والمؤلفين وكتب عنه اللورد شستر فيلد في رسائله المشهورة إلى ولده فقال لا أوصيك بغير كتاب روشفكول لتدرس فيه طباع الناس وأسرار ضمائرهم قبل أن تبلغ بك السن أن تدركها بالمعاشرة والاختبار وقال هلام المؤرخ والأديب المعروف ينبغي أن يتلوه الفليسوف بشيء من الاعجاب:

(١) ليست فضائلنا إلا رذائل متنقبة.

(٢) إن الذي تدعوه فضيلة ليس إلا أعمالا ومآرب شتى ساقها الاتفاق أو زواج بينها حذقنا في تدبير مبتغياتنا فكثيراً ما تصدر الشجاعة والعفة لا عن قوة النفس في الرجال ولا عن طهارتها في النساء.

(٣) إن حب المرء لذاته أخدع له من أكبر الخادعين والمتزلفين.

(٤) لايتوقف استمرار عواطفنا على ارادتنا إلا كما يتوقف عليها استمرار حياتنا.

(٥) قد تنجح العواطف أضدادها. فيغري الجشع بالسخاء ويؤدي السخاء إلى الشجع وإن المرء ليصير صلباً في ضعفه، جسوراً في خوفه بعض الأحيان.

(٦) المرء أسرع إلى نسيان الاساءة منه إلى الاحتفاظ بالحسنة بل ربما وجدته يبغض المحسن إليه ويتناسى بغض المسيء إليه. ويظهر أن الشعور بضرورة الانتقام للأذى أو مكافأة الإحسان نوع من الرق لا تطيق النفوس البقاء في ربقته.

(٧) يبدي بعض المحكوم عليهم بالقتل ثباتاً أمام الموت واستخفافاً به، يشيحون عنه لا استهانة برهبته ولكن فراراً من مواجهته. وكأن هذا الثبات عصابة يسدلونها على عقولهم