للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الاشتراكية]

تعريفها وأركانها

من الصعب أن يأتي الإنسان بتعريف موجز وشامل لجميع العناصر المكونة للشيء المراد تعريفه خصوصاً إذا كان هذا الشيء مبهماً غامض المعنى كالاشتراكية فإنها لا تزال إلى الآن مفككة الأوصال تتشكل بأي شكل يراد منها وتقبل أي تعريف يعطى لها ولذا اختلف الاقتصاديون في تعريفها اختلافاً بيناً وذهبوا فيها مذاهب شتى وقل أن تجد اثنين متفقين في تكييفها وتبيان معالمها وحدودها، فقد اقترحت جريدة الفيجارو في ٥ فبراير سنة ١٨٩٢ على قرائها أن يوافدوها بتعريف الاشتراكية وعينت المسيو دي مولان حكماً لفحص ما يرد لها من الأجوبة فورد عليها ما يربى على الستمائة تعريف، ولضيق المقال نضرب صفحاً عن هذا الخلاف ونكتفي بتعريف المسيو ديشان فإنه أقرب إلى الصواب.

قال المسيو ديشان: الاشتراكية هي إلغاء الملكية الفردية وجعلها ملكية اجتماعية طلباً للمساواة في مرافق الحياة ومراعاة لصالح الفرد وحب العدل.

ومن هذا التعريف يستنتج أن الاشتراكية تتكون من ثلاثة أركان وهي أولاً المساواة، ثانياً إلغاء الملكية الفردية والاستعاضة عنها بالملكية الاجتماعية، ثالثاً الحامل على هذا التغيير وهو مراعاة العدل وإيثار صالح الفرد على الجماعة.

يقول الاشتراكيون أن الأغنياء بتملكهم رؤوس الأموال قد تملكوا زمام الإنسانية وسخروها في خدمتهم وامتصوا دمها ولم يتركوا لها إلا ما يسد الرمق ويمكنها من مداومة خدمتها لهم، يريد الاشتراكيون المساواة بين الأفراد في مرافق الحياة ومصادر الرزق وذلك لينتفي الظلم بين الناس فلا يتخذ بعضهم بعضاً إرقاء يشغلهم ويسخرهم في توفير أسباب رفاهيته ويرهقهم تعباً ونصباً.

لا تعبأ الاشتراكية بالهيئة الاجتماعية ولا تهتم بسعادتها وإنما تهتم بسعادة الأفراد خصوصاً المعوزين والفقراء دون تمييز بينهم بخلاف الفردية فإنها وإن اهتمت بسعادة الفرد وتوفير أسباب هنائه إلا أن بغيتها الحقيقة هي تقوية الهيئة الاجتماعية وتثبيت أركانها، فسعادة الفرد لدى الفردية وسيلة أما لدى الاشتراكية فغاية، إن المساواة التي تنشدها الاشتراكية هي المساواة الحقيقية في الانتفاع بالثروة والاستفادة بمرافق الرزق لا المساواة أمام القانون فقط