للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فهذه من شأن الأحزاب السياسية وهي مساواة اسمية لا حقيقية لها.

وليس من الاشتراكية كذلك محو الفروق الطبيعية التي قد توجد بين الأفراد ومحاولة جعل الناس سواء في القوي الجثمانية والعقلية والأدبية لاستحالة تحقيق هذه الرغبة، ولكن ماذا تفيد هذه الفروق وما عساها أن تأتي به إذا لم يكن لها أثر في الخارج ونتيجة ظاهرة في الحياة للمتفوقين من أبناء البشر الذين خصوا بموهبة سامية أو قوة جثمانية عظيمة، إن عدم الاعتداد بهذه الفروق في توزيع الأرزاق مدعاة لإزالتها ووسيلة لجعل الناس سواء في المدارك والقوى، ولكن هذه الغاية التي قد تؤدي إليها الاشتراكية ليست بالغاية المباشرة التي ينشدها الاشتراكيون إنما غايتهم هي هدم جميع الفروق الصناعية التي أوجدها ظلم الإنسان لأخيه الإنسان.

ظهرت فكرة المساواة في الوجود من قرون عديدة وهي فكرة لذيذة تصبو إليها النفوس وترنو إليها الأنظار لجمالها الفتان، ولم تعدم الإنسانية في زمن ما أبطالاً يدعون الناس إلى الرفق بالفقراء والإحسان إليهم وإلى محاربة الفقر ومحو دائرته من الوجود وإشراك الناس جميعاً في الأموال بالتساوي، فأفلاطون كان يمقت الفروق الشاسعة التي توجد بين الأفراد بسبب الغنى والفقر وكان ينادي بضرورة محو هذه الفروق ومساواة المواطنين الأحرار في الانتفاع بالأموال، وهذه أفكار شبيهة بالاشتراكية استهوت عقول بعض العلماء فقالوا إن الاشتراكية مذهب قديم وإن أفلاطون هو المؤسس لها وهذا خطأ عظيم فإن أفلاطون لم يقترح المساواة بين الناس لأنه كان يرى في عدم المساواة ظلماً وإجحافاً شأن الاشتراكية وإنما لأنه كان يرى أن المساواة تكسب المدينة الراحة والسكينة وعلى الأخص تزيدها قوة واقتداراً.

فأفلاطون لا يعبأ بالفرد بل على العكس يضحيه في سبيل المدينة والاستزادة من قوتها.

وعلاوة على ذلك إن المساواة التي يطلبها أفلاطون قاصرة على طبقات مخصوصة لا تشمل جميع سكان المدينة ولا يتمتع بها غير الأحرار أما الأرقاء فلا حق لهم فيها ويجب أن يكونوا بمعزل عنها يعملون لتوفير أسباب الرخاء والرفاهية للأحرار بل كان أفلاطون يرى أن وجود الرق ضروري ولازم لسعادة المدينة، فالمساواة التي كان يطلبها أفلاطون مساواة أرستقراطية أما المساواة الاشتراكية فهي مساواة ديمقراطية يشترك فيها جميع