للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[عالم الأدب]

ننشر في هذا الباب أطيب الرسائل والمقالات المنوعة في الأدب والأخلاق والاجتماع والتربية والفلسفة وحياة العظماء والقطع المختارة من الروايات النافعة المفيدة والشذرات الجميلة من شتى المنظوم والمنثور والنوادر المختلفة والفكاهات والملح. ونذيل ذلك كله بنقد الكتب العربية التي تظهر في الأسبوعين.

شذرات من فلسفة الشاعر موسية

الملاحدة

رأى هؤلاء الملاحدة الفقير ينزل على جور الغني، والضعيف يرضى بظلم القوي رأوه يقول لنفسه في نجواه ليعسفني الأغنياء في هذه الأرض، وليرهقني الأقوياء فإني لواقف يوم القيامة على باب الجنة، أحول بينهم وبين عرائشها ومقاصيرها شاكياً إلى الله سوء ما لقيت، رافعاً إليه الظلامات التي عانيت ثم رأوا المسكين وا أسفاه يعتصم من هذه المسلاة بالصبر، ويعدل من هذه المناجاة إلى الراحة والسكون، عند ذلك يهيبون به وما بالك تخلد إلى الصبر حتى يوم العدل، وليس هناك من عدل، وترتقب الأبدية لتأخذ بثارك وتظفر بترتك، وليس من أبدية، إنك لتجمع قطرات الدمع التي فاضت بها عينك، وتدخر لآلئ العبرات التي ذرفها أطفالك وسكبتها زوجتك، وتختزن صيحات أفراخك، وعولات صبيانك، وأنات امرأتك، لتحملها يوم الحساب إلى ربك، وليس ثمة من رب.

فلو سمع الفقير ذلك زجر دمعه، وكفكف غرب عبرته، وحظر على امرأته الشكاة ومنعها الأنين، وعمد إلى بنيه فصحبهم إلى العقل خفيف الروح مرير القوى، شديد المراس. إنه ليصرخ إذ ذاك في وجه الغنى أنت يا من كنت تظلمني وتعسف، لست إلا رجلاً مثلي، وإنه ليصيح بالقسيس أنت يا من كنت توجرني السلوى، وتجرعني العزاء، لقد كنت تكذبني.

هذا ما يريد الملاحدة، هذا ما يطلب أعداء المؤمنين، ولعلهم يعتقدون أنهم بهذا يريدون السعادة للناس، بتحريضهم الفقراء على الحرب للحرية.

ولكن أربعوا على أنفسكم أيها الملاحدة، إنه لو تعلم الفقير يوماً أن القساوسة تخدعه، وإن الأغنياء تنهبه وتجيعه، وإن الناس جميعاً في الحقوق سواء. وإن الخير كله في هذا العالم،