للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[إرشادات طبية]

لحضرة النطاسي المفضال الدكتور محمد عبد الحي

الشيب

ليس في الدنيا من لا يكره الشيب، وعبثاً يحاول المرء تسلية نفسه بأساليب الاحتيالعلى عواطفه، وليس بدعاً أن يكون ذلك أمر الناس والشاعر يقول:

والشيب إحدى الموتتين تقدمت ... إحداهما وتأخرت الأخرى

وكأن من حلت به صغراهما ... يوماً فقد حلت به كبراهما

وقوله:

عريت من الشباب وكنت غضا ... كما يعرى من الورق القضيب

ونحت على الشباب بدمع عيني ... فما نفع البكاء ولا النحيب

فياليت الشباب يعود يوماً ... فأخبره بما فعل المشيب

فالشيب مثار أفكار الناس ولا سيما الذين درجوا منهم على الدلال والترف وغشيان مناعم النفس من طرب يلذ، وأي حسرة للشيب أن تتحطم كؤوس الهناء حينما يمنعه عنها الحياء والحرير آجره الله يقول:

نهاني الشيب عما فيه أفراحي ... فكيف أجمع بين الراح والراح

وهل يجوز اصطباحي من معتقة ... وقد أنار مشيب الرأس إصباحي

محا الشيب مراحي حين خط على ... رأسي فأبغض به من كاتب ماحي

ولو لهوت وفودي شائب لخبا ... من المصابيح من غسان مصباحي

قوم سجاياهم توقير ضيفهم ... والشيب ضيف له التوقير ياصاح

هذا هو الصنف الوقور الذي الناس منه ويجهرون ببغضه لا لشيء إلا لأنه نذير الكبر مؤدب النفس غير أن الناس والشعراء شديدو التشاؤم إذ ليس الشيب في العادة دليل التقدم في السن وبالتالي ليس نذير الموت ولإيضاح ذلك أتقدم شارحاً هذا الموضوع وعلاجه الممكن تطميناً لخواطر الشيب وتهدئة لثائرة نفوسهم وتبشيراً لهم بطول العمر.

الشيب أو بياض الشعر ينشأ إما عن فقدان اللون أو امتلاء قصبة الشعرة بالهواء وفي الحالة الأولى يكون لون الشعرة مائلاً إلى الصفرة وفي الثانية يكون ضارباً على بياض