وأما اللواتي يتخرجن من المدارس الأوروبية فهن أحسن حالاً ممن سواهن وأوفر عقلاً وتهذيباً لأن هناك عناية كبرى بأمر التعليم وكنت أفرح بالإكثار ممن يخرجن من هناك لولا خطر داهم يتهدد الحياة القومية ألا وهو التنصل من المصرية والنفور مما هو مصري والاندفاع في تحسين كل ما هو أوروبي على غير علم بالحقيقة بينما نحن أشد الحاجة إلى قوم يفهمون (المصرية) ويقدرونها.
ولا شك أن الجمعيات النسائية تؤدي خدمة كبرى في هذه السبيل وترفرف فوق ذلك روح التضامن وروح التضحية.
عند هذا الحد أريد الوقوف الآن بسيداتنا فلا أطلب لهن غلواً في السفور.
سيقولون كيف حبذت سفور الريفيات وأنكرته على سواهن ولكن هي الحكمة تدعو المرء إلى التمييز بين البيئات المختلفة وما يلائمها فالريف تغلب في جوه السذاجة وها نحن اليوم نراها تتدنس شيئاً فشيئاً أما في المدن فإن مستوى الآداب منحط جداً ولا يطهره إلا تغيير جوهري في التعليم والنظم المدرسية، فاحتفاظنا بعفاف سيداتنا وكرامتهن لا نطلب لهم اليوم المزيد من السفور كما إني لا أبغي لهن حجاباً يثقلهن بل أقول يكفينا التوسط اليوم والالتفات لتربية أبنائنا وتدبير منازلنا ولتكن غايتنا اليوم نساء ورجالاً إصلاح ما فسد في بيوتنا وما جره الإسراف والالتفات إلى العرض دون الجوهر فإذا فرغن من ذلك فالحياة العامة تنتظرهن وهن إذا قمن بهذا الإصلاح يقمن برهاناً على صلاحيتهن في الحياة العامة.
والخلاصة أني أقول: أصلحوا التعليم أحسنوا تربية أبنائكم وتدبير منازلكم وأكثروا من النصيحة العملية في سبيل إنهاض الأمة من عثارها وبذلك تخلقون جواً جديداً في هذا البلد يتصرف في التأثير على عقول أبنائها نساء ورجالاً كما شاء حتى إذا جاءنا السفور أو غيره مما هو ثمرة من ثماره قلنا هذا طبيعي النضج فاحصدوا ثمار ما بذرتم.