للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موضوع الطلاق هل يصح أن يكون اختيارياً كعهده أيام اليونان والرومان، وهنا نورد الحجج التي يقدمها أنصار مذهب الطلاق والأسباب المبنية عليها هذه الحجج.

يقول أنصار هذا المذهب أن الزواج كالقرص من عسل النحل فيه الشهد والشمع - فالشهد هو ما يسبق العرس من زمن المغازلة والزلفى إلى المعشوقة والتودد وما يحتويه ذلك الزمن من حوادث القرب والبعد والوصل والهجران والخصام والتصافي - وبعد هذا الدور اللذيذ ينتهي العسل ولا يجد الزوجان أمامهما سوى الشمع، ثم يحدث بينهما الفتور والجمود والملل والضجر والمشاحنات والأذى، وهذه الجراح لا يزيدها الزمن إلا اتساعاً، أليس الأصوب والأليق بنا والحالة هذه أن نفرق قلوباً لم تخنق على مثال واحد ولم يرد الله أن تتآلف وتمتزج، ولكنها قد تجد أشكالها وأشباهها في أناس آخرين إذا هي انفصلت وتزايلت، وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته.

هذا وحرية الطلاق ليست فقط دواء التشاحن والكراهة العائلية، بل هي أيضاً وقاية من هذا الضرر، وهي السر الوحيد في استبقاء تلك المودة التي ألفت بين الزوجين في أول الأمر، وبيان ذلك أن الرجل يفرح بنعمة الحرية ويغتبط ومجرد فكرة المضايقة والتقييد تؤلمه أشد الألم، فإذا قيد قلب الرجل بعشرة المرأة التي لم يضمها لنفسه إلا عن محض إرادة واختيار فإن العاطفة تتغير في الحال وتنقلب عن الميل والرغبة إلى النفور والزهد، فإذا كانت القوانين تحرمنا بنظام توحيد الزوجة لذة التنويع والتنقل التي هي من أكبر لذائذ الحب أفلا أقل من أنها تبقى لنا مزية الحرية التي هي من أوجب ضروريات الحب، ولا يقولن أحد لصاحب مبدأ الطلاق ارض بزوجتك فإنك أنت الذي اخترتها بمحض هواك وغرضك فعلى مثل هذا المعترض نرد بالكلمة الآتية نعم لقد اخترنا سجننا بأنفسنا ولكن لا عزاء لنا في هذا إذ كان لا مفر من بقائه لنا سجناً مؤبداً.

ويقدم المعارضون لمبدأ حرية الطلاق نفياً للحجج الآنفة ردين قاطعين وهما:

(أولاً) ماذا يكون مصير الأولاد بعد افتراق الزوجين، لا مناص من ترك معظمهم لامرأة أب يلقون على يديها كراهة عدوة لهم أو إهمال أجنبية غريبة باردة القلب من ناحيتهم، أفليس في الطلاق الإجباري (الموت) كاف لا يقاع تعساء الأطفال في هذه البلية حتى تضاعف عدد هؤلاء التعساء بمضاعفة حوادث الطلاق ووضع سلطته الرهيبة في أيدي