للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النفس: ولكني اتوسل إليك أبتهل في أن تتبصري وتفكري معي وقد سنح بخاطري أنه من حيث أتى سأعجز عن القيام بأعمال لازمة لأحوال البشر وشؤونهم وهذه الأعمال نفسها يستطيع - كما تزعمين_أن ينهض بها أفقر الناس ذهناً وأضاء لهم عقلاً وأسخفهم فكراً فإن نتيجة ذلك هي أني بدلاً من أن تنظم لي الأماديح ويحاز على بالشرف والتبجيل أكون رديئة للذام والسباب والتجريح والطعن أو على الأقل يتجنبونني ويفرون مني كإنسان غير صالح للحياة بينهم.

الطبيعة: لم أوت علم الغيوب وقراءة المستقبل بدقة مطلقة فليس في مقدروي أن أتنبأ بصدق بكل ما يمكن أن يجول في ظنون الناس ويطوف بخواطرهم من ناحيتك أثناء إقامتك في الأرض ولكن من طريق القياس على تجاربي الماضية يمكنني أن أحكم أنه من المتوقع والمحتمل أن نفوسهم ستغتلى بالحسد لكِ وتتلظي بالحقد عليك فإن ذلك نصيب النفوس النبيلة المنازع الشريفة الغايات أو يدرون صفاءك ويغيمون جوك بالسخرية والاستهزاء أو بالاطراح والاهمال وان الحظ نفسه سيتهضمك وتخونك الصدف فيما تخون.

وعلى رغم كل ذلك فإنه بعد موتك - كما حدث لكاميونز أو كما حدث من أعوام قلائل لآخر يسمى ملتون - يثني عليك وينوه بذكرك ويحلق به إلى السماوات لا أقول من كل الناس وإنما من الفرق القليل الذي يملك هبة الفهم والقدرة على التمييز والحكم - وربما تجاليد الإنسان الذي كنت تسكنينه عى الأرض تنزل في قبره وتحفظ ملامح وجهه منقوشة على بعض المواد النفسية ليستعز بها الناس ويصف كثير من الكتاب حوادث حياته وتحفظ ذكراها حتى يصير لواء شهرته منشوراً في الآفاق وكل هذا محتمل الوقوع إلا إذا حيل بينك وبين إظهار مواهبك وإبداء أي برهان كاف على قيمتك بسبب لؤم القدر أو بسبب إفراط مواهبك في الاعتلاء والسمو كما حدث في حالات كثيرة أعرفها أنا والقدر.

النفس: انى - يا أمي - وإن كنت عاطلة عن المعرفة مجردة من العلم لأعرف حق المعرفة أن أقوي رغبة قد رميت بذورها في نفسي بل الرغبة التي أبدأ بها شاعرة ولها منتبهة متيقظة هي الرغبة في السعادة واني وإن كنت أجاريك في أني قد أكون طامعة في المجد وصعب العلى جديرة بالطموح إلى احتبار المفاخر واقتناء المآثر سواء كان ذلك خيراً أو شراً فإنه من الثابت الذي لا يدفع والأكيد الذي لا ينقض أني لا أتطلع إلى ذلك ولا