للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

له علالة في النفس إلا أن تنتهي هذه الأعاجيب حتى يستريح من متاعب اللذائذ، فاللذة ضرب من ضروب الشقاء يزينها الفراغ بالقبول إني لا أذكر يوم بدأت تفيضك على الأيام ولكن أذكر يوم بدأت تمسحك عن جبيني، ولو كنت أعلم أنك مقدود عن منكبي لوثبت وثبة من الطفولة إلى الكهولة حتى أتعدى عهدك المحال أو لرقدت رقدة الصامت حتى تمر بي كما يمر الخيال،

أين منك ليلة على ضفاف النيل في مقاصير، سماؤها صبير، وأرضها وتير، إذا جازها السحر وهصرت الشجر، واختلطت صفعة الظلام، بدمعة المدام، وذكرت بين الورد والآس، قال أبي نواس:

ودار ندامي عطلوها وأدلجوا ... بها أثر منهم جديد ودارس

حسبت بها صحبي وجددت عهدهم ... وإني على أمثال تلك لحابس

تدار علينا الكأس في عسجدية ... حبتها بأنواع التصاوير فارس

قرارتها كسرى وفي جنباتها ... مها تديرها بالقسيّ الفوارس

فللخمر ما زرّت عليه جيوبهم ... وللماء ما دارت عليه القلانس

سما إلى رشاش ذلك النذر يلفتني إلى خضوعه المنحدر، وسكونه المستمر فذكرتني عزة الشباب، آية فرعون في الكتاب،

وازدحم جمال الطبيعة على عيني وضاق الفضاء بهذا الحسن المتناثر على أرجاء الكون، وتطايرت أصوات السكينة المعجمة، فتبينت فيها نغي القدرة الفصيحة إلا شيئين، لفظٌ لا معنى له، ومعنى لا وجود له، هذا هو الوفاء، وذلك هو الحب.

نعم لا معنى للوفاء، مر هذا اللفظ على آدم، وتخلل ثناياه وولج مسامعه، ثم دار دورته في بروج رأسه فما كاد يصل إلى أحد من ذريته ولولا أني أنا أنا لقلت إني غادر، نعم. لا معنى للوفاء. الإنسان غادر، والحيوان غادر، والنبات غادر، بل والماء والهواء، والأرض والسماء، بل كل ما دار بالرأس وما تخلل الأذن، وما عرض على العين، فما أنبغ الغدر في إخضاع كل موجود: ما عسى يفهم الإنسان من المعنى الذي يتردد بين هذين الحرفين (ح. ب) ويضطرب بين ساحليهما.

يقول أناسٌ لو وصفت لنا الهوى ... فوالله ما أدري الهوى كيف يوصف