للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ضعف في النفس، وخفة في الرأس، ونقص في الإرادة، واختلال في التكوين ولكن:

الحب صعبٌ فلا تعبث بصاحبه ... فربما قتلتك الحاء والباء

الإنسان قادر أمام كل شيءٍ عاجز أمام هذا اللفظ - الحب.

ما خرج من كنه الغيب روح إلى العالم المنظور إلا ورمي سهماً طائشاً لم يصب به هذا الغرض وغادر له كتاباً لم تأهل ألفاظه بمعانيه في وصف هذا اللفظ المعجم - الحب.

أي داءٍ هو راسخ في دم البشر، متسلسل مع الخليقة، وأيسر متغلغل في ضمير الكائنات.

الله يحب، والإنسان يحب، والحيوان يحب، بل كل شيء يحب، حتى الطبيعة تحب،

يخلص العبد فيحبه الله، ويكمل الجمال فيحبه الإنسان، ويصفو العيش فيحبه الحيوان، وتلطف الطبيعة فتحب أن يراها الشاعر، وتطير فيها الخواطر.

كم استوى على العرش سلطان، وسبح بحمده الخافقان، وجرت الأرزاق على يديه، وخشعت القدرة عن جانبيه، ودارس على أكتاف المقادير. وحمته العظمة أن يعترف بالعبودية إلى هذا الإله القدير، خلف العرش والإيوان، ونسي عزة التاج والصولجان، ووقف وقفة المذنب في كنائس روما وسط حلقة القديسين إلى الإله الصامت - أو وقفة الرشيد من قوله إذا صح:

ملك الثلاث الآنسات عناني ... ونزلن من قلبي بكل مكان

مالي تطاوعني البرية كلها ... وأطيعهن وهن في عصياني

ما ذاك إلا إن سلطان الهوى ... وبه اعتصمن أعز من سلطاني

أمام عظموت هذا الجلال، وجبروت ذلك الرب.

الحب المتصرف في قلوب العباد.

يا مسيل الجوامد، يا مذل الجبابرة، يا مثل العروش، يا مريق الدماء في شؤون العيون، يا واصل الليل بالنهار، يا مجري الماء على النار،

كم ضعيف لا تقوي وجنتاه على حمل وردتيهما المكللتين بدمع العاشق السليب، ولا راحتاه على حلم النفحات العاطرة من أخلاط الطيب، كسوته مهابة فخشعت له الرؤوس الباذخة، وملأته قدرة فأرغمت له الأنوف الشامخة، وأنزلته منزل الأسرار في الجانب اليسار فحكم. وظلم. وانتقم. واعتصم.