للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اتخاذها وهي في كثير من الأحيان تنتهي إلى النجاح. وتفعل مفعولها.

وهناك وسائل أخرى أحسن من هذه. فواحدة منها أن ترد الهجمة بإظهار معرفة واسعة بموضوع مطلق يخالف الموضوع الذي يحاجك فيه مكلمك أو أن تذكر كتابا أو كتابين عارض صاحبه أو صاحباهما الفكرة التي يشرحها المخاطب وأظهر فسادها وضعفها وسخفها، وتخترع من أسماء الكتب التي لم توجد في العالم ما شئت. ولكن هذه الوسيلة تحتاج إلى المهارة وإلى وجه (تلم) وصدغ صفيق. فإذا تيسر لك كل ذلك فأنت ولا ريب الناجح الموفق.

على أن هناك طريقة أخرى لإخفاء الجهل بلباقة وهي أن تتقهقر أما مخاطبك ببلاهة مدعيا أنك جاهل بكل الأشياء العادية الصرفة وزاعما أنك إنما كنت تعرف ما كان يقال أمامك. ولكنك أغفلت إظهار المعرفة استسخافا واستهزاءا بتفاهة ما قيل ولهذه الطريقة أسلوب هو عندي أبدع ما أتخذ من الطرق في الذود عن فضيحة الجهل وهي أن تظهر جهلا تاما بينا ساطعا بكل ما يذكر أمامك وتظل على إقفال فمك والاعتصام بالسكوت، والنظر في ثبات وهدوء وتحتال بكل الحيل على أن تظهر أن لديك مادة لا تنفذ من العلم الذي هو أرفع مما تسمع وأسمى مما يقال أمامك.

وآخر وسيلة لإخفاء الجهل هي أن تحطم الأطباق التي فوق المائدة والصحاف التي فوق الخوان وتكسر الكرسي الذي كنت جالسا عليه وتشب النار في المنزل وتطلق النار على نفسك. أو أن لم تستطع فما عليك إلا أن تأخذ الفضيحة من جنبك وأنت تنظر.

ولكن هذه طريقة الجبناء فقط ووسيلة الرعاديد والخوافين. وأما الرجل الشهم الشجاع الجريء فيخرج إلى الردهة ويعود وهو رافع هراوته ويصيح بالرجل الذي عرضه للفضيحة (أنت قصدت متعمدا أن تظهر جهلي أمام هؤلاء الجمع ولهذا سأضربك بهذه العصا حتى تشبع أمام هؤلاء جميعا).

فإما أن تنفذ قولك فتنجح أو تأكلها أنت حتى تشبع وهذا كل ما أقوله عن الجهل وفضائحه.