للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو أحد القرى. إذا أنتم بعد العشاء في (الدوار) وأظهرت جهلك بالجرائد وما يكتب في الصحف. ومقاصد السياسة المحلية. فلا تصيب منهم إلا الاحتقار، ولا تخرج إلا مفضوحا مسخورا منك وإذا جلست يوما مع الفقراء فلا بد لك من أن تكون في ثوب نظيف. وتتكلم بعظمة وزهو ولطف كأن الثوب النظيف الذي عليك ملكك الخاص وشرائك بفلوسك. ولا بد لك من إظهار معرفتك بالذوات والأغنياء فلا تتكلم كلمة إلا ذكرت صاحبك الباشا الفلاني. وصديقك البك الفلاني. وهلم. واعلم أنك في مجالس الشبان وفتيان العصر. لا ينبغي أن تظهر جهلك بالشرور والشهوات على أنواعها. لأنك لا تصيب من إظهار جهدك إلا احتقارهم وزرايتهم بك، وإنه لخير لك أنك لم تولد ولم تخرج للدنيا من أن تظهر لهم شكك في فائدة الخمور أو جهلك بأساليب التغزل والمنادمة.

وقد مات في العام الماضي رجل من شدة خجله وفضيحته لأنه لم يعرف اسم رئيس الجمهورية الحالي في فرنسا. وكثيرون نراهم جالسين في ركن القهوة أو زاوية الحان. في مسكنة وضؤولة لأنهم يخشون من الجلوس مع الفتيان فتظهر عورة جهلهم.

ولا ريب في أن كثيرا من المعلومات التافهة الحقيرة الضئيلة التي لا معنى لها ولا قيمة. لا يستطيع الإنسان أن يستغني عن معرفته إذا أراد أن يعيش في المجتمع ويزج بنفسه في وسط الناس. على أنه لا ينبغي لنا أن نحاول تعلم كل شيء يراد معرفته. لأن هذا بالطبع مستحيل، ولا معرفة كل شيء معروف معلوم، لأن هذا يبعث الملل، ويضيق الأنفاس، وأنما علينا أن ندرس الوسائل التي نستطيع بها إخفاء جهلنا في المجالس والهروب بأنفسنا من الوقوع في الفضيحة والعار.

وهذه الوسائل كثيرة ومتعددة وسهلة الإنفاذ، فأقواها بل أشدها خطرا هي إدعاء الغضب والخروج عن الطور والتشنج والصياح والتعجب كيف يكون في الدنيا مجانين مغفلون يحفلون بمعرفة هذه الأشياء التافهة البليدة. أقول - أقواها لأنها تثير في الحضور ذلك الإحساس الذي يجعل الصغار ضعفاء مستكينين ضئالا أمام ما هو أعظم منهم، وهي مع ذلك أشد الوسائل خطرا لأنها إذا لم تحدث تأثيرها المطلوب لا تغنيك عن الألم. وقد تؤدي بك إلى مشاجرة ملعونة وقد لا تصيب منها إلا البهدلة والضرب على أم ناصيتك. وقذف الكراسي في وجهك ولكن كثيرين من الناس يستحسنون هذه الوسيلة ويعمدون إلى