يظن بالروايات فهم إنما يقصدون برواياتهم إلى بث فكرة صالحة في الأخلاق أو الاجتماع أو التاريخ أو ما إلى ذلك مما كان من حقه أن تنشأ له المقالات الحافلة أو الأسفار العريضة الطويلة ولكنهم آثروا هذا النوع من القول لما يمتاز به من معاني التشويق والاستهواء حتى يكون ذلك أدعى إلى استكمان ما يقصدون إليه من نفوس القارئين - ولو علم أن أفضل خدمة تقدم إلى هذه اللغة وتزكيها وتنمي ثروتها. وتضاعف بركتها. هو نقل ما تعده الأمم الراقية أنفس آدابها. وأطيب ثمرات ألبابها. نقول لو علم صاحب هذا الهاجس ذلك كله لما لامنا على عناية البيان بمثل هذه الروايات بل ولاستحال لومه تحبيذاً. ونقده مدحاً وتقريضاً.
هذا ولقد أخذ علينا نفر من القراء أنا صرفنا وجهتنا في البيان إلى الموضوعات الأدبية وأنا لا نعنى ولو بعض العناية بالمباحث العلمية البحتة حتى يكون البيان لكل قارئ ومغنياً بما يحتويه عما عداه وهذا الرأي فيما نرى حق ووجيه وقد صادف منا موقعاً حسناً ولذلك شرعنا في هذين العددين بترجمة كتاب اسمه جمال الطبيعة للكاتب الإنكليزي اللورد فبري بقلم محمد السباعي بعد أن علمنا أنه من الكتب العلمية الشائقة كما يظهر ذلك من مقدمة الكتاب التي نشرناها في هذين العددين ومن سائر أبوابه التي هذا بيانها: - حياة الحيوان - حياة النباتات - الغابات والحقول - الجبال - المياه - الأنهار - البحيرات - البحر - النجوم والسيارات - وكل باب من هذه الأبواب ينطوي على أبحاث ضافية.
وقد رأينا من تمام الفائدة أن ننشر هذا الكتاب بأرقام منفصلة عن أرقام البيان حتى إذا تم كذلك بمعونة الله أمكن القراء أن يفصلوه عن البيان ويجعلوه في جلد وحده - وليس الأمر قاصراً على هذا الكتاب بل قد عزمنا على نشر كتاب آخر من العدد الرابع اسمه النزاع بين العلم والدين وهو من الكتب الجليلة الممتعة وسيكون له شأن بين الناطقين بالضاد وليس ذلك فقط بل قد أحضرنا كثيراً من الكتب والمجلات العلمية الجليلة حتى نقل منها من الفصول والمباحث ما يقع عليه اختيارنا ونراه أعود على عشاق العلم الحقيقيين.
وكذلك سنفي بما وعدنا من باب أخبار العلوم والفنون والمخترعات الحديثة وتقويم العالم والحوادث التي تتجدد من حين إلى آخر في سائر الممالك والأقطار وموعدنا العدد القادم إن شاء الله.