للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يلزمك رباطة من الجأش وضبط نفسك وبعد النظر حظ وافر. ومن هذا تعلم أن البيئة المنزلية يجب أن تكون بيئة السعادة والفرح والتهلل والكرم ووداعة الخلق لأن السعادة من الأثر في نماء أطفالك ما للشمس في نماء الزرع وعلم النبات.

وإذا كان ذلك كذلك فعلم أطفالك أن لا يجيبوا إنساناً على سؤال، ولو كنت أنت سائله إذا لم يقل من فضلك أو أرجو أو تكرم علي وإذا نسي أحد الناس أن يقولها إذا طلب شيئاً أو سأل رجاء وجعل يكرر السؤال ويلح في إعادة الرجاء ولا مجيب ولا جواب، كان ذلك باعث اللهو والمزاح حتى يتذكر السائل أنه لم يقلها فيقولها.

واعلم أن فعل السيئ وإحداث الشر والأمر الكريه قد يكون في أكثر الأحايين نتيجة الجهل وعدم إدراك وجه الإساءة، ولهذا كان خليقاً بك أن تعلم طفلك مثلاً كيف يجب أن يمسك الملعقة أو السكين وكيف ينبغي له أن يبلع الطعام، وعليك أن تجتهد جهد المعلم في تعليم الأطفال كل دقيقة وصغيرة وطفيفة، دون أن تفقد الصبر أو تتسخط أو تنوء بجانبك، لأن الطفل لا يعلم ماذا يراد منه، وما هذا إلا لأنه ليس سريع الفهم أو سريع النسيان، ولهذا لا يصح أن تتوقع أن العادة الطيبة الحميدة، قد تنال في أقصر مدة من الزمن لأن خلق عادة من العادات تقتضي في الغالب إزالة أخت لها أو شبيهة بها، فلو أنك استعجلت ولم تأخذ في الأناة في أمر تربية أطفالك على العادات، وكنت قلقاً غير مطواع الإرادة لما لبثت العادات الرديئة ن تجتمع وتحتشد حتى لا تفتأ تؤنب وتحذر وتنهر دون جدوى أو أية فائدة، ولا يكون من ذلك إلا أن أطفالك لا يلبثون أن يكتسبوا خلقاً مضطرباً فوضوياً ثواراً عاصفاً لم تكن تريده لهم.

وعلى العقلاء من الآباء أن يحلوا الصعوبات التي تعترض أمر تربية أطفالهم بالطريقة التي يسوون بها (دفاتر حساباتهم) أي واحدة فواحدة، كلما اعترضت وعلى فترات من الأيام.

وإذا أردت النجاح والتوفيق قصدت فعليك أن تعمل على خلق عادة أو عادات متشابهة في وقت واحد. فإنك إذا أكرهت صبيتك على حسن السلوك في أسبوع أو وصيتهم بعدة عادات في أيام معدودات فإنك غير حاصد من ذلك غلا الخيبة والألم والفشل، إذن فينبغي أن تجمع كل قوتك لخلق عادة أو عادتين في وقت واحد وترك غيرهما بعد إتمامها لوقت آخر.