للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا صح هذا فلا تطلب من بنيك شيئاً كثيراً لكي تتم لك طواعيتهم، ويستمعوا إليك جهد أسماعهم، ولا تجعل تعليمك إياهم على عادة واحدة شفيعاً لتعليمهم أشياء أخرى كثيرة ثم عليك أن تدع أطفالك يقدرون العادة المحمود حق قدرها ويعرفون السبب لماذا ينبغي أن يفعلوا الشيء الحسن، ويدركون شيئاً من علم النفس، كالذي حدث به أحد الناس عن طفلة في الخامسة أدركت معنى كلمة (علم النفس) إذ قالت أنه إذا كانت الأم أذعنت إلى صراخ طفلها ونزلت على حكمه خوفاً من استرساله في صياحه عما طلب، فلا يتنازل الطفل عن الصراخ كلما أراد من أمه شيئاً.

واعلم أن كل شيء سيسير في منزلك على نظام، إذا كنت من أهل الطبائع الوديعة، ولم تك ذا خلق ناري حاد ومزاج محتدم مضطرم فإنك لا تلبث إذ ذاك أن تجد العادات سريعة النشوء والاستتباب والتكوين. وتجد أطفالك يحبون تلك العادات واتباعها واللصوق بها لما تدخل على أنفسهم من الفرح وما في الإذعان إليها من الروحانية والراحة، وعلى نقيض ذلك ترى الشراسة والشدة والتقطيب والتجهم والاكفهرار لا تخلق إلا تحللاً ووهناً في الخلق أو طفلاً فاسداً سيئاً شريراً - إذن فعليك أن تكون مفراحاً متهلل الأسارير تر بنيك يتحملون الآلام بصبر في سبيل التخلق بحسن الأدب وتجد الآداب الفاضلة والعادات الطيبة لا تلبث أن تنمو وتزكو كما يزكو النبات في الأقاليم التي يسطع فيها نور الشمس وتهب عليها علائل الأرواح وفي أمثال هذا الجو لا تني تموت جراثيم الأمراض وتتحل من نفسها وتذبل وتتلاشى.