للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الهجر فقال:

يحول الحول في الوصل ... ويبقى لي تذكاره

ويوم الهجر والبين ... كيوم كان مقداره

يشير إلى قوله تعالى (كان مقداره خمسين ألف سنةٍ)

وربما ضربوا صفحاً عن ذكر العلة في طول الليل أو اليوم وقصره لأن الحال تقتضيها أو أن ذكرها من قبيل الإتيان بما لا يشك فيه ما دام الإجماع على سرعة انقضاء ساعات السرور وبطء مرور مضاداتها واقعاً في النفوس ومن ذلك قول امرئ القيس بن حجر الكندي

ألا أيها اليل الطويل ألا انجلي ... بصبحٍ وما الأصبح منك بأمثل

فيا لك من ليل كأن نجومه ... بكل مغار الفتل شدت بيذبل

كأن الثريا علقت في مضائها ... بأمراس كتان إلى صم جندل

ويذبل اسم جبل ببلاد الحجاز وكثيراً ما يسمى بيذبل الجوع لأنه مجدب أبداً. والأمراس جمع مرس. وهو الحبل. وصم. صلاب واحدها أصم والأنثى صماء والجندل الصخرة والجمع جنادل. وهذا معنى لطيف ظريف لم يتفق لكثير بعده أما بلاغة الأبيات فهي النهاية في الإبداع. فإنه لما توهم أن النجوم مشدودة بالحبال في الجبل جعل الحبال محكمة الفتل وأنها من الكتان ليدل على متانتها وعجز النجوم عن قطعها وخص الجبل بيذبل لأنه صخري والصخر قوي يصعب نزع الأمراس المشدودة عليه. ثم أفرد الثريا بالذكر من بين النجوم ليدل على شرفها وتقدمها. وكانت هذه عادة العرب في تعظيم الثريا وأنهم إذا ذكروا جملة أن يفردوا أشرفها عندهم وأعظمها وقعاً في نفوس ويخصون بالذكر كما في قول إمرئ القيس. وقد جاء في القرآن الشريف مثل هذا ومنه قوله تعالى فيهما فاكهة ونخل ورمان والنخل والرمان من جملة الفاكهة.

أما أصرم بن حميد فقد جعل الكواكب مقيدة ولم يتعرض لبيان نوع القيد كما فعل إمرؤ القيس. قال

وليل طويل الجانبين قطعته ... على كمد والدمع تجري سواكبه

كواكبه حسرى عليه كأنها ... مقيدة دون المسير كواكبه