للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الروسيى عدداً. ولعل في ذلك ما يبعث الدهشة ويثير الاستغراب إذ كيف تستطيع أقلية كهذه أن تحكم امبراطورية تنيف على ١٢٠ مليوناً من الناس. وتعليل ذلك أن البولشفيك يعملون على أن يحتفظوا بمكانتهم بين الأحزاب بأن يكونوا أقلية. وهم أزهد الناس في الكثرة، ومن أصعب الصعوبات أن يقبل الروسي في عداد هذا الحزب ولاا بد له إذا أراد ذلك من أن يكون رجلاً معروفاً قادراً على أن يأتي بكثيرين يشهدون له شهادة طيبة فإذا استطاع طان عليه أن يؤدي امتحاناً علمياً في مبادئ البولشفيك فإذا نجح عد (طالباً) فقط وعليه أن يبرهن على مقدرة وأهلية حتى يعد (عضواً).

والبولشفيك أقرب إلى أن يكونوا نظاماً دينياً منهم إلى حزب سياسي كسائر الأحزاب التي نعرفها في أوروبا. وللخلق المقام الأول عندهم.

فطالب الانضمام إليهم موطن نفسه لا محالة على امتحانات شديدة قاسية. فلا بد له من أن يكون شديد المواظبة على الاجتماعات الحزبية وأن لا يهمل قط في أعماله وأن يطيع رؤساءه طاعة مطلقة. فإذا قبل عضواً كانت الرقابة على سلوكه أشد واقسى فإن الميسر وشرب الخمر والإهمال والفتور والتمرد جرائم يحاكم عليها بالموت وهم يكرهون الرقص ويمقتون التدخين وأكبر جرم في نظامهم الأدبي هو طالب الربح المادي.

والأسباب التي يتجعلهم أقلية صغيرة واضحة. ذلك أن الثورة التي أقاموها لا تزال تقاتل لتعيش فهم أقلية مختارة تعيش للفكرة والمبدأ. فإذا هزم جزء من الجيش الروسي يؤتى بالآليات البولشفية لتقذف في أحر القتال وأشده وإذا أبطا المعمل في مقدار ما ينتجه من العمل فلا بد من إرسال طائفة من العمال البولشفيك إليه. فإذا انتقضت قرية أو ثارت عليهم يؤتى بعضو أو اثنين من الحزب ليعيشا فيها. وإنهم يحيون حياة جهاد مستمر وهم مصدر القوة والنشاط في كل روسيا فإذا انتقصت غيرتهم للعمل أو تهاونوا أو أهملوا فإن نظامهم لا محالة مقضي عليه بالخذلان؟

ولكن هل نجحوا؟ وإلى أي حد بلغ نجاحهم؟

لقد ألقيت على واحد منهم هذا السؤال! فأجاب: نحن البولشفيك نؤدي الواجب ولا ننتظر الفائدة. إننا نعيش لحياة الحزب. فحياتنا رهينة القيادة العليا للحزب، وإن أحدنا ليتلقى الأمر فينطلق ويترك وراءه أولاده وزوجه ولعله لا يعود إليهم قط. والأعمال التي تلقى إلينا تنفذ