للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذ ذاك أن توقع لنا نغماً على المعزف البيانو.

فلم تتدلل ولم تتمنع، وإنما سألتني في مقابل النزول لي عن ملتمسي أن أغضي النظر عما أجده من النقص في توقيعها وقامت في الحال إلى البيانو وأطلقت أناملها تلعب بالنغم لعباً فبعد أن وقعت بضعة ألحان معروفة سألتها مرة أخرى أن تضرب لنا لحناً من بتهوفن فأنشأت توقع لحن ضوء القمر وكان أعز الألحان لدي وأبهجها لنفسي وانطلقت روحي في عالم الحلم والخيال، وكان توقيع الفتاة جميلاً، وكان السحر الذي فعلته في فؤادي عظيماً. . . . .

٥ إبريل سنة ١٩١٤

أيكون في الدنيا بأسرها سعادة أكبر من السعادة التي أحسها الآن. . . . أن مينا تحبني وقد نبأتني ذلك اليوم، لقد مضت ثلاثة أسابيع وأنا لا أستطيع أن أجمع شوارد خواطري وأوابد أحلامي فأدونها في يوميتي بل جعلت أنظر إلى صفحاتها البيضاء مذهول اللب لا أستطيع أن أستنزل ما في صدري صدر الصحف ومضيت أعجب كيف أنني لم أتبين فيها نظراتها المفعمة بالحب، وكيف كنت أبله أحمق إذ لم أتشجع من قبل فأسألها أن تكون لي. .

مينا. . .! لي. . . . إلهي هل أنا جدير بهذه النعمة الكبرى، أتراني خليقاً بأن أظفر بهذه المنحة الإلهية وهي قلب مينا. . . .؟

٢٠ يوليو سنة ١٩١٤

ألقيت بالقلم جانباً ولبثت أتسمع صيحات الغلمان باعة الصحف وهم يعدون في الشارع في هذه الساعة الواهنة من الليل، إنهم يصرخون بأن الحرب موشكة أن تقع وكانت الجريدة التي يبيعونها تريد أن تقنع قراءها بأن من المحتمل أن تساق أوروبا بأجمعها إلى حرب كبرى من جراء شكاة النمسا من الصرب. . . ياللسخافة وياللتكهن!! إن حرباً أوروبية تنشب اليوم لا تكاد تلبث أسبوعاً حتى تجر الخراب والإفلاس إلى كل شعب ومملكة، إني سأذهب إلى المضجع فأهبط في وادي النوم هادئاً لا خوف ولا رهب من هذه الحرب الموهومة.

أما إذا وقعت الحرب حقاً، فإنني من رديف البحرية، وأعلم علم الغواصات وأنا إلى الحرب