للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذاهب ولا ريب وقد كنا في هذا المساء في حديث طويل أنا وسفن عن الغواصات وكان هو كذلك يعلم خافية أمرها ويرى أنها ستدخل في الحرب وستقوم بالجزء الأكبر منها، وكان هذا هو الرأي الذي اجتمعنا عليها في هذا المساء. . . .

٣١ يوليو سنة ١٩١٤

لقد تحقق المستحيل ووقع المحظور، وقامت الحرب وأنا غداً شاخص إلى كييل ولعل إصدار الأمر إلي بالسفر إلى كييل هو في سبيل خدمة الغواصات.

أما والد مينا ووالدتها - لهما الله - فقالا أنهما لا يعتقدان الحرب ماكثة أسبوعاً أو أسبوعين على الأكثر وأنه إذا خمدت الحرب بعد تلك المدة القصيرة وعدت إليهما تزوجت من الفتاة على الفور.

٣٠ سبتمبر سنة ١٩١٤

للمرة الثانية منذ تلقيت قيادة الغواصة رقم ١٣ عدت إلى كييل طلباً للوقود والميرة ومع ذلك لم أتلق كتاباً من مينا!

أترى خطابي لم يبلغ إليها ولكنها تعلم أنها تستطيع أن تكتب إلي من كييل، لا يعقل أنها طردتني من فؤادها بهذه السرعة، كلا إنها مخلصة القلب نبيلة الفؤاد عظيمة الذهن فلا تطاوعها النفس على أن تحل رجلاً غيري مكاني من قلبها لمجرد أنني بعيد عن نظرها ولكن من يعلم. . . . رباه. . . إن هذه الخالجة من الشك تحرق فؤادي. .

في الرابع والعشرين من أغسطس أغرقنا سفينة.

والتهم اليم من رجالها وكانوا مئة، اثنين وعشرين رجلاً، واتفق أن الموج قذف إليها على لوح من الخشب صبياً من البحارة متشبثاً للنجاة مجاهداً، فالتقطناه من اليم وإذا به لا يكاد يعض على الثانية عشر، وعلمت من الصبي أن أباه وأخوه له ثلاثة ذهبوا إلى فرنسا وأنشأ الصبي يقول. . . وبقيت أنا الرجل الوحيد في الأسرة. .

فسألته عما إذا كان يشعر بحزن لتركه أمه، ولعله لم يكن لديه من الوقت من قبل سعة للتفكير فيها، فلما أذكرته الآن ذلك انفجرت عيناه دمعاً وأجهش بالبكاء وطلب العودة إلى وطنه وجعل يحدثني أنه أفلت من الأسرة ناسياً أن أمه وشقيقته مفتقدتاه محزونات عليه.