للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من اعتاد تسليم غيره ذمام عقله لا يفكر بنفسه ولا يسير خطوة إلا بمشورة سواه وبدون سابق وعيد ونذير يتخلف عنه قواده ومرشدوه ويتركونه وحيداً تجمع به الحرية وتلقيه في الردى ويشعر بألم عظيم وعذاب شديد ولا يجد له مندوحة عن البحث عن سيد آخر ليلقي عن كاهله عبء البحث والاختبار ويحمل عنه تبعة عمله أنه لا يكفي لتحرير الإنسان كسر قيوده وأغلاله ولا يدهشك من سجين قضى حياته موثق الساقين أن يتخاذل في مشيته حين إخلاء سبيله أتأخذه فجأة وعلى غرة من الليل الدامس الذي كان فيه مدة سجنه إلى النور الساطع ثم نقول أنه لا يبصر ولا يرى إلا أن الحرية ليست أمراً سلبياً فقط وليس بكاف لتحرير الناس تخليصهم من الأسر. أن الحرية تضاعف من قوى المرء وتزيد من كفاءته وتجعله يشعر بلذة في العمل ويرى الشرف كله في تحمل أوزار عمله.

لندع الناس أحراراً يعملون على إسعاد أنفسهم بأنفسهم ولا نأخذ على عاتقنا عبء هنائهم وسرورهم ويجب علينا أن نمدهم بمعونتنا ونقرضهم قوانا ومداركنا ولا ندع لنفسنا سبيلاً إلى منافرتهم والأخذ بتلابيبهم وسوقهم إلى السعادة مكرهين بل يجب علينا أن نقف عند حد المساعدة فندعهم وشأنهم يعملون لسعادتهم وسرورهم فما كان الحامل لتلك المظالم الي حلت بالعالم على يد النبلاء ومحاكم التفتيش والأرزاء التي رجم الناس بها الملوك الطغاة المستبدون إلا إسعاد النوع الإنساني والسعي لراحته ورفاهته.