كل منها طفيلي النحل معداً للفحص الميكروسكوبي فكان أكثر اندهاشي من حيوان ضئيل الجثة قد بسط وفرطح ذي أرجل ست تنتهي كل واحدة منها بمخلب كمخلب الأسد وأفظع.
قلت هذا هو الذي يمتطي صهوة النحلة ويأكل من لحمها ومن دمها جاعلها مركباً ومسكناً ومرقداً ومطعماً ومشرباً؟.
فلم تلح على وجه الجغرافي أدنى ابتسامة، وأكبر ظني أن الابتسام لا يعرف وجهه، وما أحسبه أنه سمع كلمتي هذه أو حاول أن يسمعها.
يعيش على النحلة هذا إن فكرت أنعم عيش وأرغده وأي عيشة ألذ من أن يظل ذلك الطفيلي على ظهر النحلة يسبح في الهواء ولا يتجشم مؤنة الطيران، ويدخل كل مكا تلجه النحلة ولا يتكلف أجرة الدخول ثم لا خوف عليه أن يزل من فوق تلك المطية أو يزيله عن ذلك المركب الوطيء مزيل، بل كيف وتلك مخالبه تسد نشبت في متن النحلة نشوب المنية في الآجال، ثم يمتص من عناصر جسد النحلة ما شاء، تأكل النحلة أطايب الجنان ويأكل هو أطايب النحلة، ويعيش في الهواء، وطوراً في سرادقات الزهر النضير، وأروقه النبت العشيب. وحيثما سار حفت ركابه مغردة الذباب تشنف أذنيه بأعذب النغمات، فما أحسب إلا أن دوى النحل وإن دق في مسامعنا هو في أذن ذلك الطفيلي أجهر من سمع المسمعات وعزف الضاربات. كل ذلك جال بذهني ودار بخلدي بينما الجغرافي يحسب أني أتأمل دقائق صفات الحشرة الخطيرة الشأن وخواصها.