للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

دعنا نقارن هذه النتائج بنتائج فتح الأسبان بلاد المكسيك وبلاد بيرو فقد هدم الأسبان في هذين البلدين بناء مدينة عجيبة، كانت في كثير من الوجوه أعلى من مدنيتهم قدراً وأسمى، مدينة اكتملت بغير الحديد، وتمت دون البارود، مدينة نهضت بالزراعة التي لا يعينها جهد الجواد ولا الثور ولا المحراث.

لقد دخل الأسبان هذين البلدين من غير حرب ولا قتال، ولم يعقهم دون الفتح عائق، ولكنهم هدموا كل ما شاد أهلوهما، وطاحوا بملايين منهم، وقذفوا في لجة الفوضى بأمتين عاشتا قديماً في ظل الرضى والرخاء وتحت حكومة شهد تاريخهما بأنها ألزم لهم وأوفق حالاً، وروجوا بينهما الأوهام، ونشروا الخرافات، وانتقل ملكهم وأنعمهم وخيراتهم إلى حوزة الكنيسة الرومانية!.

هذا مثال من أمثلة تأثير العلم أخذته من تاريخ أميركة، ولم أشأ أن أختار مثله من تاريخ أوروبا، لأن هذا المثال يصور لنا قيمة المبدأ العملي الحر الذي لا تخالجه حال لا ضرورة لها وقبل البحث في تأثير العلم ونتائجه، أريد أن آتي هنا بكلمة مجملة في تاريخ دخول العلم أوروبا.