للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تبل وأتطمت عليها بطونها. وقوله إلا آكلة الخضر معناه لكن آكلة الخضر وأما قول النبي إن ذها المال خضرة حلوة ههنا الناعمة الغضة. وحث على إعطاء المسكين واليتيم منه مع حلاوته ورغبة الناس فيه ليقيه الله وبال نعمتها في دنياه وآخرته.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الدين متين فأوغل فيه يرفق فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.

قال صاحب اللسان في مادة وغل وذكر الحديث - يريد سرفيه برفق وأبلغ الغاية القصوى منه بالرفق لا على سبيل التهافت والخرق ولا تحمل على نفسك وتكلفها مالا تطيقه فتعجز وتترك الدين والعمل. وقال في أمثال الميداني وذكر بين أمثاله قول النبي إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى - قال المنبت المنقطع عن أصحابه في السفر والظهر الدابة قال هذا رسول الله لرجل اجتهد في العبادة حتى هجمت عيناه أي غارتا.

ومن كلمة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:

ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل. ولباب هذا القمح. ونسائج هذا القز. ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة. ولعل بالحجاز وباليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع. أو أبيت مبطاناً وحولى بطون غرثي وأكباد حرى. أو أكون كما قال القائل:

وحسبك عاراً أن تبيت ببطنه ... وحولك أكباد تحن إلى القد

أأقنع من نفسي بأن يقال هذا أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش. فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها. أو المرسلة شغلها تقممها. تكترش من أعلافها وتلهو عما يراد بها. أو أترك سدى. أو أمهل عابثاً. أو أجر حبل الضلالة أو أعتسف طريق المتاهة.

وقال الحسن البصري حادثوا هذه القلوب فإنها سريعة الدثور، وأقدعوا هذه الأنفس فإنها طلعة وإنكم أن لا تقدعوها تنزع بكم إلى شر غاية.

قوله حادثوا مثل ومعناه أجلوا واشحذوا نقول العرب حادث فلا سيفه إذا جلاه وشحذه. والدثور الدروس يقال درس الربع إذا انمحى. ومعنى ذلك تعهدوها بالفكر والذكر. وقوله فإنها طلعة يقول كثيرة التشوق والتنزي إلى ما ليس لها. ويقال للجارية إذا كانت تبرز