إذا كان في طول أوربا وعرضها، مجاهل ومفاوز، فتلك لعمري ألبانيا أجمل مقاطعة في جميع أرجاء القارة الغربية، ولو أنه قد تصرم ما ينيف على مائة عام منذ وصفها المؤرخ الإنجليزي الأوحد إدوارد جيبون بأنها مملكة تشرف على إيطاليا تكاد تكون مجهولة كصميم أمريكا فلم تزدد معلومات الناس عن هذا البلد العجيب ولا عن أهله، وإن طبيعة المملكة الوحشية، وهمجية سكانها وبربريتهم، والفوضى البادية في أنظمتهم الاجتماعية، والصعوبات التي تمنع من تعلم لسانهم، وعجز الولاة العثمانيين عن مساعدة السياح على التغلغل في صميم تلك البلاد، كل هذه الأسباب كانت الحائل دون معرفة هذه المجاهل الغريبة.
ولعل لفظة ألبانيا هذه، وتلك التي في بلاد القوقاز، وأرمينيا، والباني في بريطانيا / وأرفينيا في فرنسا. مأخوذة جميعها من مادة ألب ومعناها الهضاب البيضاء.
وعدد سكان البابا يقدر بما يربي على مليون ونصف مليون من النسم، ومن هذا المدد نحو من مليون ومائتي ألف من الألبان، والباقي من الصرب والبلغار، والأتراك واليونان، فالصرب يحتلون الجهات الشمالية من البلاد والأتراك يقطنون النواحي الجنوبية الشرقية، وللبلغار مستعمرة كبيرة على مقربة من مدينة دبرة وأخر بدة وفي جنوب هذه المستمرة يسكن قوم في الجبال يسمونهم ولاك وفي أبروس عدد من اليونانيين ليس بالقلييل، ويبلغ عدد سكان ولاية أشقودرة. / ٢٥٧٠٠٠ / نفس وولاية يانينا / ٠٠٠ر٥٥٢ /.
ولعل الألبان هم أقدم أهل الجنوب الشرقي من أوروبا، وليس في التاريخ ولا في الأساطير، ولا في موروث الأنباء ما ينبئ عن كيفية وصولهم إلى أوروبا، ولعلهم سلالة المهاجرين الأقدمين من الآريين وإن العدد الأكبر من الأسماء السلافية الموجودة في ألبانيا حتى في المقاطعات التي لا يوجد بها أدنى أثر للسلافين يدل على كثرة مهاجرة أقوام الصرب والبلغار إلى ألبانيا في أوائل العهد بالقرون الوسطى، ولكن السكان الأصليين طردوا هؤلاء المهاجرين من أرضهم، وبينا ترى شجاعة الجبلين - أهل الجبل الأسود - قد نوه بها كتاب الأرض جميعاً. ترى الألبانيين لا يذكرون بمديح ولا يشهد لهم بثناء ما عدا مديح الشاعر بيرون. على أنه مما يستأهل الذكر والتنويه أن المهاجرين من الألبانيين والشراذم المنثورة في بقاع الأرض، ولا سيما في اليونان وإيطاليا ومصر، لا يزالون