فاستغرق في اجتياز المانش من بولونيا في فرنسا إلى ثغر دوفر في الأرض الإنكليزية نحواً من ثمانية وعشرون دقيقة وقد بلغ بيريون رفيق بليريو في الحادي عشر من شهر مارس من العام الماضي إلى ارتفاع ٥٨٥٠ متراً في مسافة تقرب من ساعة وهذه هي المرة الأولى التي بلغ بها الطيار إلى مثل هذا الارتفاع الشاهق على أن لوكانيو تقوى عليه وبرز في ديسمبر من العام الماضي إذا ارتفع بطيارته إلى علو ٦١٥٠ متراً. وقد كان في العام الذي قبله ارتفع إلى ٥٨١٠ أمتار.
وجاز الطيار الفرنسي دوكور ما بين مدينتي باريس وبرلين في ثماني ساعات إلا قليلاً بينما القطار السريع يجوزها في ثلاث وعشرين ساعة إذ تبلغ مسافة ما بين الحاضرتين نحواً من ٩٠٠ كيلو متراً. فإذا حسبنا ذلك استنتجنا أن دوكور كان يطير في الساعة ما يربي على مائة كيلو متر وأغرب من ذلك وأدعي إلى العجب أن الطيار برنديجون استغرق في طيرانه من باريس إلى مدينة فرسوفيا في بولونيا من أعمال الروسيا يوماً واحداً لم يرفه عن نفسه فيها إلا سبع ساعات.
وبعد كتابة ما تقدم وقعت إلينا رسالة صغيرة باللغة الفرنسية بقلم سعادة الأستاذ المحقق أحمد زكي باشا الكاتب الأول لمجلس النظار. أثبت فيها خطبته التي ألقاها في حفلة إقامة التمثال تخليداً لذكرى الطيار الفرنسي المشهور مويار في مدينة الشمس (هليو بوليس) وأضاف إلى الخطبة المكاتبة التي بعث بها إلى مجلس المعارف الأعلى ووسمها بعنوان (الطيران عند المسلمين) وفيها حقق الكلام على طائري العرب ابن فرناس والجوهري ورجع في ذلك إلى كتب العرب وأسفارهم ونحن نقتطف منها نبذا صالحة لمقالنا هذا: ندع جانباً السير المصرية المعروفة. والأقاصيص اليونانية الشائعة. ونكتفي بأن نذكر مع الأبحار تلك الأقاصيص التي جاءت في تاريخ العرب.
ألم يستعمل النمرود لحرب الله أربعة من النسور أزمع بها صعوداً. تحف به الأخطار وتحدق به التهلكة فوق سطح جهزه بقطع من اللحم الغريض. لكي يحرض هذه الطيور الجوارح على متابعة الصمود والارتفاع.
أولم يكن لسليمان في رحلاته وطوفانه ونقلاته، بساط تسيره الأرواح مسخرة لمشيئته. يطوف فوقه على آسيا وأرجائها؟.