للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما حلفت لها بالإيمان المحرجة فيها طلاق أمك (يخاطب ابنه) وثب فوقف بين يديها وقال والله يا بنت رسول الله لقد كذبك العلج أقمت بها يوماً وليلة وغلست بها عدة من جواري وها أنا تائب إلى الله مما كان مني وقد جعلت توبتي منهن وتقدمت في حملهن إليك وهن موافيات المدينة في عشية هذا اليوم فبيعهن وعتقهن إليك وأنت أعلم بما ترين في العبد السوء فأمرتني بإحضار الأربعمائة دينار فلما أحضرتها أمرت بابتياع خشب بثلثمائة دينار وليس عندي ولا عند أحد من أهل المدينة علم بما تأمر به ثم أمرت بأن يتخذ بيت من عود وجعلت النفقة عليه من أجر النجارين من المائة الباقية ثم أمرت بابتياع بيض وتبن وسرجين بما بقي من المائة دينار بعد أجرة النجارين ثم أدخلتني والبيض والتبن والسرجين في البيت وحلفت بحق جدها لا أخرج من ذلك البيت حتى أحضن ذلك البيض كله إلى أن يفقس ففعلت ذلك ولم أزل أحضنه حتى فقس كله فخرج الفراريج وربيت في دار سكينة وكانت تنسبهن وتقول بنات أشعب

وحدث الرواة قالوا اجتمع في ضيافة السيدة سكينة جرير والفرزدق وكثير وجميل ونصيب فمكثوا أياماً ثم أذنت لهم فدخلوا عليها فقعدت حيث تراهم ولا يرونها وتسمع كلامهم ثم أخرجت وصيفة لها وضيئة قد روت الأشعار والأحاديث فقالت أيكم الفرزدق فقال لها ها أنا ذا قالت أنت القائل:

هما دلتاني من ثمانين قامة ... كما انحط بازٍ أقتم الريش كاسره

فلما استوت رجلاي بالأرض قالتا ... أحي نرجي أم قتيل نحاذره

فقلت ارفعوا الأمراس لا يشعروا بنا ... وأقبلت في إعجاز ليل أبادره

أبادر بوابين قد وكلابنا ... وأحمر من ساج تبص مسامره

قال نعم فما دعاك إلى إفشاء سرها وسرك هلا سترت عليك وعليها خذ هذه الألف والحق بأهلك ثم دخلت على مولاتها وخرجت فقالت أيكم جرير قال ها أنا ذا فقالت أنت القائل:

طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ... حين الزيارة فارجعي بسلام

تجري السواك على أغر كأنه ... برد تحدر من متون غمام

لو كان عهدك كالذي حدثتنا ... لوصلت ذاك وكان غير ذمام

إني أواصل من أردت وصاله ... بحبال لا صلف ولا لوام