للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كذلك إني خلقت ذا لدد=حتى أرى الخصم تاركاً لدده

لاسيما من عفوت عنه قاطع ... ته أتاني وهيجت صيده

سأسمع الناس ذمه أبداً=ما سمع الله حمد من حمده

ولابن الرومي في الأخفش أفخاش كثيرة مثبتة في ديوانه. وكان أصحابه غير الأخفش يعبثون به أيضاً فيرسلون إليه من يتطير من اسمه فلا يخرج من بيته أصلاً ويمتنع من التصرف سائر يومه - وأرسل إليه بعض أصحابه يوماً بغلام حسن الصورة اسمه حسن فطرق الباب عليه فقال من قال حسن فتفاءل به وخرج وإذا على باب داره حانوت خياط قد صلب عليها ورقتين كهيئة اللام ألف ورأى تحتها نوى تمر فتطير وقال هذا يشير بأن لا تمر ورجع ولم يذهب معه.

وروى بعضهم قال: بعثت بخادم لي يعرفه وأمرته يجلس بإزائه وكانت العين تميل إليه وتقدمت إلى بعض أعواني أن يدعو الجار الأحدب فلما حضر عندي أرسلت وراء غلامي لينهض إلى ابن الرومي ويستدعيه الحضور فإني لجالس ومعي الأحدب إذ وافى أبو حذيفة الطرسوسي ومعه برذعة الموسوس صاحب المعتضد ودخل ابن الرومي فلما تخطى باب الصحن عثر فانقطع شع نعله فدخل مذعوراً وكان إذا فاجأه الناظر رأي منه منظراً يدل على تغير حال فدخل وهو لا يري جاره المتطير منه فقلت له يا أبا الحسن أيكون شيء في خروجك أحسن من مخاطبتك للخادم ونظرك إلى وجهه الجميل فقال قد لحفني ما رأيت من العترة لأني فكرت أن به عاهة وهي قطع اثييه قال برذعة شيخنا يتطير قلت نعم وبفرط قال ومن هو قلت على بن العباس قال الشاعر قلت نعم أقبل عليه وأنشده أبياتاً منها:

ومن صحب الدنيا على جور حكمها ... فأيامه محفوفة بالمصائب

فخذ خلسة من كل يوم تعيشه ... وكن حذراً من كامنات العواقب

ودع عنك ذكر الفأل والزجر واطرح ... تطير جاز أو تفاؤل صاحب

ثم قام أبو حذيفة وبرذعة معه فحلف ابن الرومي لا يتطير من هذا ولا من غيره وأومأ إلى جاره! ومن شدة حذره وعظيم تطيره قوله لأبي العباس بن ثوابة وقد ندبه إلى الخروج معه وركوب دجلة من قصيدة طويلة:

ومن يلق ما لاقيت في كل مجتنى ... من الشوك يزهد في الثمار الأطايب