راجع من يهوى على رغم. استغرب ضحكاً حتى سمعت ضحكة ثم قال أي والله أراجع على رغم يا غلام هات نعلى فنهض وأذهله السرور عن أن يأمر لي بشيء فدعاني يحيى وقال إن شعرك قد وقع بغاية الموافقة وأذهل أمير المؤمنين السرور عن أن يأمر لك بشيء قلت لعل هذا الخبر ما وقع مني بغاية الموافقة ثم جاء غلام فساره فنهض وثبت مكانه فنهضت بنهوضه ثم قال لي يا عباس أمسيت أنبل الناس أتدري ما ساروني به هذا الرسول قلت لا قال ذكر لي أن ماردة تلقت أمير المؤمنين لما علمت بمجيئه ثم قالت له يا أمير المؤمنين كيف كان هذا فناولها الشعر وقال هذا أتي بي إليك قالت فمن يقوله قال عباس بن الأحنف قالت فيم كوفي قال ما فعلت شيئاً بعد قالت إذا والله لا أجلس حتى يكافأ قال فأمير المؤمنين قائم لقيام ماردة وأنا قائم لقيام أمير المؤمنين وهما يتناظران في صلتك فهذا كله لك قلت مالي من هذا إلا الصلة ثم قال هذا أحسن من شعرك قال فأمر لي أمير المؤمنين بمال كثير. وأمرت لي ماردة بمال دونه وأمر لي الوزير بمال دون ما أمرت به وحملت على ما ترون من الظهر ثم قال الوزير من تمام اليد عندك أن لا تخرج من الدار حتى يؤهل لك هذا المال ضياعاً فاشترى لي ضياعاً بعشرين ألف درهم ودفع لي بقية المال فهذا الخبر الذي عاقني عنكم فهلموا حتى أقاسمكم الضياع وأفرق فيكم المال قلنا له هناك الله فكل منا يرجع إلى نعمة من أبيه فأقسم وأقسمنا فقال أسوتي فيه فقلنا أما هذه فنعم قال فامضوا بنا إلى الجارية حتى نشتريها فمشينا إلى صاحبتها وكانت جارية جميلة حلوة لا تحسن شيئاً أكثر ما فيها ظرف اللسان وتأدية الرسائل وكانت تساوي على وجهها خمسين ومائة دينار فلما رأى مولاها ميل المشتري استام بها خمسمائة فأجبناه بالعجب فحط مائة ثم حط مائة ثم قال العباس يا فتيان إني والله أحتشم أن أقول بعد ما قلتم ولكنها حاجة في نفسي فأكره أن تنظر إلى بعين من قد ماكس في ثمنها دعوني أعطه بها خمسمائة دينار كما سأل قلنا له وإنه قد حط مائتين قال وإن فعل قال فصادفت من مولاها رجلاً حراً فأخذ ثلاثمائة وجهزها بالمائتين فما زال إلينا محسناً حتى فرق الموت بيننا.