للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شرها هنالك تشعر بالسرور الذي يداخلك من سرعة انتقال المذمة الشائعة إلى محمدة رائعة، والجفوة إلى المحبة، والأغضاء إلى الإعجاب والثناء ثم قال وإنك أشد ما تكون فقراً أحوج ما تكون إلى تجميل بزتك والظهور بمظهر أصحاب الضياع والكور. وربما أعوزك ذلك إلى المال وقد لا يتيسر لديك الكفاية منه. فماذا أنت صانع؟؟ إذن فافترض يا بني. اقترض ولا يكرثك أمر الوفاء - إنك إن عشت عيشة الأوفياء فسكنت السطوح وأكلت الخبز القفار لا تأمن بعد قليل أن تنبحك الكلاب وتتجه إليك شبه الشحنة ويوصد الكبراء أبوابهم دونك ولا يعبأ بك حتى البدال الذي تشتري منه ميرتك الساعة التي تسدد فيها دينه عليك. أما إذا أفرطت في الاقتراض وأسرفت في الاستعارة فإنك تعيش عيش المترفين ويكلأوك الدائنون كما يكلأ والد ولده. رغبة في بقائك وإشفاقاً على أموالهم المرهونة بحياتك، ثم يتمنون لك الغنى ويسعون لك في اليسار.

وكان ختام المقالة هذه النصيحة الجامعة: لا تحتفل غاية الاحتفال بعمل ولا تبهظ نفسك في تجويده معتمداً على أن عملك يعلن عن نفسه فإن صوت الأعمال خافت يغطي عليه صلق الأوساط الحاسدين. ولغة الأعمال غريبة لا يسمعها الزعانف ولا يفقهون معانيها، وقل أن يعرفك أو يقدر عملك إلا النخبة المعدودون، والخاصة المنصفون. على أنهم مع عرفانهم قدرك وتقديرهم عملك لا يخفون إلى مسعدتك من قبل أنفسهم ما لم تعترض أعينهم غصباً. فما بالك يا بني تبدد عمرك في الأمانة والاجتهاد إنما عليك أن تدرس أطوار الجمهور وتتعرف مواطن غفلته فتستخدمها فيما يفيدك واعلم أن الناس لا طاقة لهم بالتمييز والحكم فاحكم لهم أنت، وليس لهم فكر ممحص أو نظر بعيد فإياك وما يكدر أذهانهم، ويعضل على أدمغتهم، وأن الناس بلداء الإحساس، ثقال السمع فليكن ظهورك بينهم بجلبة يسمعها الأصم ويبصرها الأعمى، وإن الناس لا يفهمون التورية والمزاح، ولا يتأولون الحروف والألفاظ فكن لهم واضحاً في مخاطبتك، سهلاً في عبارتك، وعدد لهم بلهجة ظاهرة يفهمونها ولا يرتابون فيها، كل ما هو بشين في أعدائك وكل ما هو حسن فيك، وأن الناس ضعاف الذاكرة فاهتبل هذه الغرة فيهم ولا تحجم عن طريق تؤديك إلى غرضك فإنك متى أدركته لم يذكر أحد كيف وصلت إليه فبهذه المبادئ الأساسية تصبح غنياً وعظيماً وتستتب لك الأمور في هذه الدنيا. بتلخيص وتصرف.