للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العالم أكبر أبناء الإمبراطور فردريك غليوم وزوجته بأربع وعشرين ساعة فقط.

ولد غليوم كما يولد أولاد أهل البسطة في الثراء لا كأولاد الملوك والأمراء، وروعيت في وضعه وجوه التوفير وأساليب الاقتصاد، تلقته قابلة واحدة وطبيب واحد من أطباء القصر بإشراف الأخصائي المشهور في ذلك العهد، المرحوم الدكتور مارتن وكان واقفاً كعادته مقطباً عابساً لأنه يجب أن تعلم أن الطبيب في ألمانيا يرى نفسه أرفع من أن يتلقى الوليد ساعة الولادة. ولا يأتي أبداً إلا في الأحوال الشديدة الخطر.

وكانت القابلة التي تولدت الأميرة فردريك غليوم هي مدام ستاهل وقد أصبحت اليوم عجوزاً ولكنها لا تزال تزور القصر إلى الآن ولذلك كنت أنتهز الفرص فأسألها عن أهم الحوادث في حياتها.

قالت (ما كادت الإمبراطورة تضع وليدها حتى جعلت تئن أنيناً مخيفاً وجعل الطبيبان يتهامسان وهما يفحصان جسمها الملقى على السرير مبهوتين (إن الإمبراطورة ستموت، إنها ستضحي التضحية الكبرى من أجل ولدها) وكنت ولا شك مضطرة إلى ترك الطفل هنيهة لكي أعينهما في فحصها، فلما أفاقت الإمبراطورة بعد قليل عدت فجثوت إزاء مهد الوريث ولكن لشد ما كان رعبي، رأيته ولم يفه بصرخة واحدة، ولا حرك يداً ولا رجلاً فجعلت أقول في نفسي (يا الله! أمولود صامت؟) ثم أشرت إلى الطبيب فجاء إلى وجعلنا نفحص المولود الجديد ولا أعلم كم لبثنا وطفقنا نستعين بكل ما في كتب الطب والولادة من الوسائل لإعادة الطفل إلى الحياة.

(ثم استرسلت القابلة تقول) فلما فرقنا من عمل قصارى جهدنا أخذت الصغير تحت ذراعي اليسرى وتناولت منشفة فبللتها. بالماء وطفقت أدلكه بها وأمرس بدنه في رفق وهدوء، غير حافلة بتألم الطبيبين من عملي هذا ولا آبهة لرعب من حولي، قلت في نفسي في سبيل الشيطان كل ما يطلبون من رسوم وتقاليد وآداب، هذه مسألة حياة أو موت وكذلك انطلقت في تدليكي آونة بيد ناعمة وأخرى بيد ضاغطة، حتى إذا كادت المدافع المعلنة مولد الطفل تفرغ من نصف المائة مدفع ومدفع - وإذا بصوت خافت ضعيف صدر من بين شفتى الطفل الصفراوين.

(لقد عادت إليه الحياة! وكذلك أنقذته من الرمس المقدر له) فسألتها (ولكن ماذا تعلمين عن