للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مسيحية.

وكان آخر كتاب كتبه هو () أي (أناهو) فكان ختاماً حلواً لموته الذهني، كتبه في أسابيع قليلة، هو رسالة لذيذة ولكنها محزنة، بقلة ناضرة، ولكن سامة، تطرف فيها وأبعد وبلغ بها أقصى حدود الرضى عن نفسه وأبعد تخوم الهو بها، وترى أسلوبه في هذه الاعترافات وثاباً طافراً قافزاً، وإليك عناوين الفصول الشائقة في الكتاب - لماذا أنا عاقل إلى هذا الحد - لماذا أنا نشيط إلى هذه الدرجة - لماذا أكتب هذه الكتب الحلوة الجميلة - أنا وهايني أعظم كتاب الألمانية في الأرض - لقد قمت بأعمال هائلة، أعمال لا يقدر عليها أي رجل في هذه الأيام، إن قراءة كتاب من كتبي لأعظم شرف يمكن للإنسان أن يظفر به، لم يكن هناك بسيكولوجيا قبلي.

ووقع المصاب الأكبر في أوائل يناير سنة ١٨٨٩.

جن نيتشه جنوناً متوحشاً مفترساً كطبقاً - كان كلامه صريخاً وحديثه شجاراً عنيفاً، كان يشتري أتفه السلع ويدفع في مقابلها الجنيه والجنيهين، كان يصور له الجنون أنه قاتل مشهور وأنه ملك إيطاليا وأنه. . . . الله.

وكان يصيح في شوارع المدينة ويصرخ في السابلة تعالوا إلى السعادة!. . إني مجنوناً عشر سنوات طوال، وقضى نحبه في الخامس والعشرين من أغسطس عام ١٩٠٠ ملتهب الرئتين.

هذا هو الرجل الذي قتلته الوحدة. وخنقه إهمال العصر، وذهب بلبه جهل الجيل.

تناسخ الأرواح

بقلم الأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني

كان لي صديق عريض الدعوى يزعم أنه عميد أهل العلم، وأمام أولى العرفان، وقبلة المحققين والمجتهدين، صاحبته دهراً فما عرضت لنا مسألة إلا ادعى أنه توفر حظه منها وأحاط بأصولها وفروعها، ووقف على جلائلها ودقائقها، ومن أقواله المأثورة التي يرويها عنه كل من أمتع به إن كل شيء أفعله له لو علمتم سبب يدفعني إليه فمن ذلك أن عنده قرداً صغيراً قد كلف به الكلف الشديد فسألته في ذلك مرة فقال: إنكم معشر الماديين لا تعرفون من الحقائق إلا ما يلمس باليد ولا تؤمنون إلا بما يناله الحس وتتطلع عليه المدارك